في جزيرة الروضة وعلى ضفاف النيل، تحكى سطور التاريخ عن قصر فريد بعمارته ومعروضاته لأمير تمني إعتلاء عرش مصر. ليس مجرد قصراً بل فصلاً من فصول تاريخ أمير من أحد أعظم الأسر الحاكمة في العالم تمني أن يحكم وعاش علي حلم لم يناله وأمل لم يحققه.
بني قصر محمد علي على الطراز الإسلامي وهو مدرسة فنية جامعة للفنون المختلفة كما تشير لوحة التأسيس التي تعلو مدخله الذي تم إنشائه عام 1901 على مساحة 16 فداناً بينما ولد صاحب القصر الأمير محمد علي الصغير عام 1875 ومات عام 1954 ونال تعليماً راقياً ولم يكن فقط محباً للفنون بل جامعاً لها وخاصة الفن الإسلامي وانعكس ذلك على قصره فجاء تحفة فنية تحاكي قصور العصور الوسطى.
والأمير محمد علي هو إبن الخديوي توفيق وحفيد محمد علي باشا الكبير. بعد وفاة عمه الملك فؤاد، تولي الملك فاروق حكم البلاد وكان صغيراً فأصبح الأمير محمد علي وصياً عليه وظل كذلك حتي أنجب الملك فاروق ولده لتنتهي أحلام الأمير محمد علي في العرش بعد أن كان مرتين ولياً للعهد. عرف عنه إنحيازه للإنجليز وكادوا أن ينصبوه ملكاً عام 1942 بعد إكتشافهم علاقة الملك فاروق وهتلر لكن فشلت المحاولة.
أطلق علي الأمير لقب إبن بطوطة الحديث لولعه بالسفر وعشقه للفنون وجمع التحف من المزادات وأوصي أن يكون قصره متحفاً ملكاً للدولة بعد وفاته. بالقصر سبع سرايات رئيسية وهي سرايا الإستقبال وبرج الساعة والمسجد وسرايا الإقامة وسرايا العرش والمتحف الخاص والقاعة الذهبية وتحيط به حديقة شاسعة وقد شيد بين عامي 1901-1938. عهد الأمير بالبناء للشيخ محمد عفيفي ثم جاب العالم باحثاً عن النباتات النادرة لحديقة القصر الذي يقع على مساحة 61 ألف متر مربع وتحتل الحديقة أغلب مساحته. أما السور الخارجي، فأشبه بحصون إيران والمغرب والأندلس ويعلو المدخل برجان صغيران علي غرار المآذن الفاطمية.
يلي المدخل مكان به طابقين لإستقبال الضيوف الأول به قاعة التشريفات لإستقبال كبار رجال الدولة وقاعة كبار المصلين لإستقبال كبار الشيوخ والمصلين بصلاة الجمعة. وبالطابق الثاني هناك القاعة الشامية على طراز قاعات إستقبال بلاد الشام والقاعة المغربية وتشبه قاعات بلاد المغرب. أما برج الساعة، فمجاورته للمسجد توحي بأنه مئذنة ولكنه أشبه بأبراج المراقبة بالأندلس مع ساعة تشبه ساعة محطة مصر بعقارب علي شكل ثعابين. وبجوار الساعة، يقع المسجد الصغير بمساحة مستطيلة مقسمة لجزئين بعمودين بالوسط ويمتلئ بزخارف البلاطات الخزفية الزرقاء التركية وأكثر ما يميزه هو عدم وضع المحراب بالإتجاه الجنوبي الشرقي الصحيح للقبلة بل جاء محرفاً لذا لابد من الإنحراف عند الصلاة.
ثم تأتي سراي الإقامة وهي بيت الأمير ولها طابقين الأول به صالة النافورة وتتوسطه نافورة على غرار بلاد الأندلس ثم بهو المرايا وبه مرآتان كبيرتان متواجهتان وصالون جلد وتعلو جدران البهو صور سلاطين الدولة العثمانية ويليه الصالون الأزرق وبه آرائك جلد ومكتبة الأمير ومكتبه وقد سمي بالأزرق بفضل جدرانه المكسية ببلاطات الخزف والقاشاني الزرقاء. وفي المقابل، هناك قاعة السفرة وفي الطابق الثاني غرف نوم الأمير والحمامات وغرف الجواري والزوجات. أما سراي العرش، فلا نعرف لماذا شيدها الأمير فهو لم يجلس على العرش ولها طابقين الأول عبارة عن ممر طويل على جانبيه آرائك وكراسي مخصصة لكبار رجال الدولة وفي نهايتها كرسي العرش وأمامه شمعدانين ويعلوه صورة لمحمد علي الكبير وفي الجدار يساراً بالطابق الأول نجد أفراد الأسرة العلوية ممن حكموا مصر فيما يضم الجدار المقابل لوحات فنية لكبار الفنانين. وبالطابق الثاني ثلاث غرف الاولى وهي حجرة الأوبيسون وتضم صالون خاص للإستقبال والغرفة الصيفية والشتوية وتضم مدفأة خشبية.
هناك أماكن محظورة بالقصر كالقاعة الذهبية للإحتفالات الرسمية وكان يعزف فيها البيانو وسميت بذلك لأن جميع جدرانها وسقفها بزخارف الذهب وقاعة مجلس الوصاية وبنيت بعد تولي الأمير رئاسة المجلس وبها ثلاثة إيوانات وحجرتين جانبيتين ويعلو سقفها زخرفة على هيئة سجادة يتوسطها جامة بيضاوية مشغولة بالتفريغ على شكل أوراق نباتية تتدلى منها نجفة كبيرة كريستال ويحيط بالزخرفة جامات مستديرة بعضها محلى بالزخارف والآخر به أسماء الله الحسنى وعلى نوافذ القاعة مستطيلات جصية بها أبيات قصيدة نهج البردة للإمام البوصيري في مدح الرسول وللقاعة حجرتان ملحقتان هما القاعة الشامية المغطاة بأخشاب ذات زخارف نباتية ملونة وعليها آيات قرآنية وأدعية وأبيات شعر والقاعة الغربية وهي خالية من النقوش ويتوسطها سرير من الفضة لإبنة الأمير الأميرة هانم ومتحف صيد وبه مقنيات محنطة إصطادها الأمير أو تلقاها هدايا من حكام البلاد وبالمتحف 15 قاعة بالإضافة للسبيل ويقع بين سراي الإستقبال والمسجد ملاصقاً للسور الشمالي للقصر.