وأبحرت مستشفي الخير العائم، أول مستشفي عائم بمصر وشمال أفريقيا وربما العالم بأسره إذ أن أغلب النماذج المماثلة لتقديم الرعاية الصحية بحرياً لم تأتي بالنموذج المتكامل ذاته.

إنها هبة منحها المولي عز وجل لأرض الكنانة من طبيعة جغرافية ممتدة علي ضفاف نيل ساحر وهب الحياة لأراضي امتدت بطوله واحتضن لألاف السنين محافظات تمتعت بسحر خلاب برغم معاناة أبنائها من قسوة المعيشة وشدة الإحتياج. ومن قلب بلاد طيبة، أرض أسوان التي شهدت مولد أحد أقدم الحضارات الإنسانية، إنطلقت مركب الخير لدعم الطفل المصري والقائمين علي رعايته لتبدأ بمستهل مارس 2019 رحلة أمل وشفاء وقصة إبحار طويلة إستهدفت محافظات صعيد مصر لتلاقي حشوداً من أبناء القري والنجوع الأكثر فقراً فتشخص المرض وتوفر العلاج في نموذج مبتكر لخدمة صحية متكاملة. إخترنا الخير عنواناً لرحلة حلم وأمل وشفاء امتدت بطول ألف كيلو بنهر النيل الذي طالما حمل لمصر الخير والعطاء فجعلها هبة له ووهبها أمساً عريقاً وحاضر مزدهر ومستقبل أكثر إشراقاً.

 

أصل الحكاية
تبدأ القصة من سنوات عمر الطفل الذهبية والستة سنوات الأولي التي يكتسب خلالها المهارات الأساسية لنموه وجعله أكثر قدرة علي إختراق العالم المحيط. ويظل الإهتمام بالطفل هو الإستثمار الأعظم لأي دولة إذ يشكل حجر الأساس لبناء جيل جديد ذو قدرات معرفية خاصة وبنية جسمانية تمكنه من النهوض بالأمة. ولأن الصحة اليوم لم تعد خلواً من الأمراض فحسب والعلاج لم يعد هدفه الأوحد شفاء الأمراض والطب لم يعد علاجياً بل أمست له أدوار تنموية وهي الوصول للإمكانات الكامنة لدي الطفل، يظل الأساس في التشخيص المبكر والتوعية لتجنب الإصابة وتغيير الأنماط السلوكية التي تلحق الضرر بالأمة ممثلاً في صحة أبناءها فضلاً عن تكلفة الجوع الباهظة التي تتكبدها الدولة من جراء سوء التغذية ويمكن تفاديها بالعمل مبكراً علي الإعداد لنمو الطفل السليم.

علي متن المستشفي العائم
تضم مستشفي الخير العائم 18 وحدة طبية متخصصة هي عيادات الأطفال العامة والسكر والغدد الصماء والحساسية والمناعة والرمد والسمعيات والأنف والأذن والحنجرة والتغذية والقلب والجلدية والعظام وذوي الإحتياجات الخاصة والجراحة والصحة الإنجابية بالإضافة لمعمل التحاليل ومركز أشعة مجهز بأحدث أجهزة السونار والأشعة والإيكو والصيدلية تقوم يومياً بصرف ألاف الأدوية مجاناً وبإدارة كبري الجامعات المصرية وهم كليات الطب بجامعات مصر للعلوم والتكنولوجيا والأسكندرية وأسيوط وسوهاج وجنوب الوادي وبني سويف وأسوان والقصر العيني والمنيا بالإضافة للمعهد القومي للسكر والغدد الصماء والجمعية الرمدية والجمعية المصرية لطب الأطفال وصندوق الأمم المتحدة للسكان. أما برامج التوعية فركزت علي ملفات الصحة الإستباقية والتغذية السليمة والصحة العامة ومسببات التلوث والتعليم المبكر وذوي الإحتياجات الخاصة فيما ركز محور التنمية البشرية بالتدريب المهني للممرضات ومشرفات الرعاية لرفع الكفاءة وشمل المهارات الأساسية والتقنيات الحديثة وأخيراً أقيمت بكل محافظة فاعليات بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان ضمت مسرحيات توعوية للأطفال وذويهم.

جملة أهداف تتكامل
إستهدف المشروع تسخير القدرات العلمية والتربوية لبناء جيل جديد وتقديم الرعاية للحد من انتشار المرض وعلاجه مبكراً مع الرعاية المتطورة بمتابعة الحالات وتقديم الدعم المتطورة وأخيراً دعم أنشطة البحث العلمي بالتوصل لأرقام من واقع عملي مع تصحيح المفاهيم الخاطئة الخاصة بنمو الطفل والإستفادة من القدرات التنافسية لمختلف الهيئات. وعلي المدي البعيد، إستهدف المشروع وضع معايير ثابتة للمكونات الأساسية لإحتياجات الطفل الأولية وخفض تكلفة الجوع وتجنب آثاره الإجتماعية والإقتصادية مع تكوين قاعدة خبرات علمية ومجتمعية لتداول المعرفة بالتدريب المهني وإرساء مفاهيم التعليم المبكر كحجر الأساس لبناء مجتمعي قوي النسيج وقادر علي المنافسة وأخيراً دعم إنتماء المواطنين بتلاحمهم مع كيانات الدولة وشركاء الخدمة القائمين علي مساندتهم.

إبني بكره النهارده
إخترنا الطفل مستفيداً رئيسياً من سن يوم وحتي الثانية عشر من أبناء الطبقات القري والنجوع الأشد فقراً بالمناطق المهمشة وإستكملنا الحلم بالقائمين علي رعايته لتصحيح المفاهيم الخاطئة فيما يتعلق بتنشئة الطفل. إخترنا السير مع التيار من الجنوب حيث بدأت أحد أعرق الحضارات الإنسانية سيراً قدماً نحو الشمال حيث قلب العاصمة النابض في رحلة إستهدفت التطبيق العملي لمفهوم "الوقاية خير من العلاج" وإستناداً علي مبدأ "إذا أردت أن تبني وطن، فإبدأ بصغاره" وفي ترجمة عملية لمفهوم التنمية المستدامة كما ينبغي أن يكون بتلاحم الكيانات الرسمية مع مؤسسات المجتمع المدني بمشاركة حقيقية من القطاع الخاص بمختلف مجالاته.

أطفال بلا أنيميا
علي هامش المشروع، تم إطلاق مبادرة "أطفال بلا أنيميا" لأهمية مشكلة الأنيميا ونقص الحديد وتأثيرها السلبي علي نمو الطفل الجسماني والعقلي والنفسي وضعف القدرات التحصيلية والتعليمية وقصور الإبتكار ومن ثم ضعف الإنتاجية الذي مما يرثر بدوره علي عجلة النمو الإقتصادي وتكبد الدولة مبالغ طائلة من جراء تكلفة الجوع وتقدر بمليارات الدولارات سنوياً كما تؤدي الأنيميا لزيادة نسبة التقزم وهو الخطر الأعظم القادم ويبلغ نسبة نموه 25% في تزايد سنوي فيما تفوق نسب أنيميا الأطفال النسب العالمية فتصل بمصر إلي 44% وتزيد بمحافظات الصعيد إلي 60% مقابل 6% بالولايات المتحدة و20% بالسودان.

  

سمعني بقوة
مبادرة أخري تم إطلاقها وتتعلق بضعف السمع فتشير الأبحاث العالمية للموروثات الخاطئة حول ضعف المسع لدي الأطفال كإعتبارهم من أبناء التوحد فيما تعجز شريحة واسعة من الأمهات وأحياناً الأطباء عن تحديد المشكلة ويتم التعامل معها بصورة خاطئة لعدم توفر الأجهزة الدقيقة. هذا وتشير الإحصائيات العالمية أن 15% من إجمالي الأطفال يعانون من ضعف السمع ويحتاج 60% منهم لأجهوة تعويضية في سن صغيرة ومن ثم ساهم المشروع في إيجاد حلول جذرية للأطفال بإجراء فحص شامل ودعمهم بالأجهزة التعويضية اللازمة.

وكانت البداية
بدأ الإعداد للمشروع مبكراً بالتعاون مؤسسات المجتمع المدني في بادرة هي الأولي من نوعها لحصر الحالات المستهدفة فإتحد الجميع تحت راية واحدة وعملت كبري المؤسسات سوياً. 16 مؤسسة مجتمع مدني شاركت الحلم وساهمت في تنفيذه وعملت سوياً بالتنسيق مع المحافظات ونواب البرلمان من خلال إستمارات موحدة بواسطة قاعدة بيانات متخصصة للحجز وتحليل البيانات وإستخلاص النتائج والإحصائيات ثم جاءت مرحلة التشغيل وتطبيق محاور الخدمة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجهات المشاركة وتمت كافة الأنشطة الطبية برعاية وتحت إشراف وزارة الصحة والسكان وبمعرفة كليات الطب بالجامعات المشاركة وأخيراً مرحلة متابعة حالات الرعاية المتطورة وإجراء العمليات وتسليم الأجهزة التعويضية وإعلان البيانات. هذا وتتحقق للمشروع الإستدامة من خلال التعامل مع الأرقام الواردة بالتعاون مع الجهات الرسمية لوضع حلول جذرية للمشكلات وتقديم الرعاية الصحية الأولية بتشخيص الأمراض وصرف الأدوية والمتطورة بمتابعة الحالات.

وتبني الحلم شركاء النجاح
حظي المشروع برعاية وزارة الصحة والسكان وصندوق تحيا مصر وبتعاون مع وزارة التضامن الإجتماعي. ولطبيعيته الخاصة ونمطه غير التقليدي، حظى المشروع بشراكة إستراتيجية مع إجمالي 16 مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني وهم  مؤسسة مصر الخير وجمعية مصر بلا مرض وجمعية كاريتاس مصر ومؤسسة سوفي فاند ومؤسسة هيا أسلوب حياة ومؤسسة د. علي عبد العال لطب سلام الأطفال ومؤسسة نهضة بني سويف ومؤسسة شباب الخير وجمعية مصر الجديدة وجمعية مصر للثقافة وتنمية المجتمع ومؤسسة الأورمان والجمعية الرمدية والجمعية المصرية لطب الأطفال ومؤسسة وي كير والهلال الأحمر المصري وصندوق الأمم المتحدة للسكان. ومن القطاع الخاص، تعاون 25 كيان من كبري الشركات في دعم المشروع وهم نستله مصر ومرسيدس مصر وبنك القاهرة ومؤسسة إتصالات للتنمية المستدامة وجمعية مصر الجديدة ومجموعة مستشفيات كليوباترا وألكان ميديكال وجلوبال تكنولوجيز ويونيليفر مصر ومعامل أي لاب وسيركل كيه ودار العيون ومستشفي نور العيون ومركز رعاية العيون ومركز أسوان لليزر وأمبليفون بالإضافة لكبري شركات الأدوية المحلية والعالمية وهي فاركو والعامرية وإيبيكو وإيفا فارما ونوفال وراميدا وسيديكو وآمون وAUG فارما

نتاذج غير مسبوقة
وتتوال الإنجازات وتأتي الرياح بما تشتهي السفن وتتحطم الأرقام القياسية بتخطي الأرقام المستهدفة والوصول لإجمالي 66,250  مستفيد بمجال الرعاية الصحية الأولية وإجمالي 267,400 مستفيد من خدمات الوحدات الطبية و10,620 مستفيد من برامج الرعاية الصحية المتطورة من عمليات جراحية وأجهزة تعويضية وعلاج دوائي متطور بالإضافة إلي 278,200 مستفيد من برامج التوعية بالمنصات المختلفة وإجمالي 116,250 ميتفيد من برامج الدعم المجتمعي بمختلف المحافظات.

وختاماً، إكتملت الدائرة التي بدأت بالتشخيص ثم توفير الرعاية الأولية من علاج دوائي وتوعية سليمة لتنتهي بخدمات الرعاية المتكورة من إجراء عمليات جراحية وتوفير أجهزة تعويضية وجميعها بالتعاون مع شركاء النجاج من كبري رموز القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني كل بمجال تخصصه ليتحقق الهدف الأسمي بتلاحم الجميع لتوفير مستقبل أفضل لنا ولأجيال من بعدنا وهو الشعار الذي غلف جملة أعمال المستشفي العائم وكان لها عنواناً وشعاراً وهدفاً سعت بكل الخير لتحقيق الخير.  

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام