أمست حملات التوعية العامة ظاهرة إجتماعية تمثل خطوة أساسية لرفع الوعي العام بما يدعم التنمية والتقدم، وبرغم الإنفاق الباهظ عليها سواء من قبل الدولة أو المجتمع المدني والقطاع الخاص، إلا أن بعضها يشوبه بعض النقص مما يحد من تأثيره فالهدف هو تعزيز المشاركة المجتمعية، ويظل السؤال هل يستجيب الجمهور لتلك الحملات؟ وهل تحقق مردورد يمكن قياسه بما يخالف ما نشأوا عليه من عادات وتقاليد؟

              

يري الدكتور معز الشهدي مؤسس بنك الطعام المصري أن لحملات التوعية دوراً كبيراً فى الحد من العادات الضارة وكثير من المشكلات المتأصلة والمستحدثة فحملات التوعية أساسية لتغيير الثقافات السلبية وفرض الإيجابيات بالمجتمعات وهي تعتمد إعتماداً كلياً علي تحديد موقف الجمهور من موضوع الحملة ودرجة تأييدها أو معارضتها ومدي إتفاقه أو إختلافه مع مضمونها يساعد المخططين لها في اختيار الوسائل المناسبة والوقت الأمثل للوصول لتلك الجماهير، ولكي تحقق حملات التوعية العامة النجاح المطلوب، لابد من تحديد الجمهور المراد الوصول إليه بدقة ليس من الناحية الجغرافية فقط بل من الناحية الإقتصادية والإجتماعية والفكرية والعمرية. ويساعد هذا التحديد في اختيار مضمون الرسالة وقنوات الإتصال المناسبة كما يجب إجراء دراسات للحملة قبيل إطلاقها وخلال فترة تنفيذها لتقييم أدائها والتعرف على المشكلات التي تعوق استمرارها ونجاحها وكذلك محاولة القضاء على المشكلات بإيجاد الحلول المناسبة لها فإذا لم يتم تحديد الهدف أو الإستهانة بالأفراد مع عدم وضوح الرسالة فلن تحقق الحملة نجاحاً لذا يظل الأساس وضع خطة واستراتيجية لإدارة الحملة بشكل ناجح وهو ما قمنا به بالفعل في حملة بنك الطعام إذ حددنا بدقة الفئة المستهدفة من الحملة كالفنادق والمطاعم والأفراد ممن يهدرون كميات كبيرة من الطعام ومن ثم نجحنا يومياً في توفير مئات الآلاف من الوجبات للفقراء والمحتاجين وحققت الحملة نتائج مذهلة فيما تم التاكد من النتائج من خلال الدرسات التي تفيد بتحقيقها الأهداف المرجوة مما يثبت ضرورة تحديد هدف واقعي واحد مبني على إحصائيات حديثة ومعلومات مؤكدة.

ويضيف حليم أبو سيف إستشاري العلاقات العامة بأن حملات التوعية أساسية لتغير سلوكيات المواطنين ولا غني عنها فهي أساس تطور الشعوب بيد أنه يري أن حملات التوعية تواجه تحديات كبيرة وصعوبات بالغة يأتي في مقدمتها عدم اهتمام الجمهور برسائلها أو عناده وتمسكه بالسلوك القديم وعدم الرغبة في التغيير بالإضافة لوجود عوامل أخرى تقلل من فرص نجاح مثل تلك الحملات مما يستوجب القيام بتخطيط سليم لمثل هذه الحملات وإتباع الأسس الصحيحة والخطوات العلمية والعملية التي تساعد على نجاحها. وليأتي التخطيط سليماً، لابد أن ييتم بنائه علي أساس دراسة دقيقة للوضع القائم وكيف كان في الماضي وما هي التوقعات المستقبلية المبنية على البحوث والإحصاءات والدراسات مع ضرورة مراعاة كون التخطيط لحملات التوعية العامة يجب أن يخضع لدراسة مستفيضة للخطوات التي يجب اتباعها للتعرف على المشكلة موضوع الدراسة وأسبابها والمتسبب الحقيقي بها كما وجود وسائل الإتصال الحديثة والتكنولوجيا طورت من أداء الحملات إذ أصبح الوصول للجمهور المستهدف أسرع وأكثر فاعلية ودقة. لابد أيضاً من إيجاد طرق للتعاون مع الهيئات والمؤسسسات والحكومات للعمل علي نجاح الحملة وعليه لابد من تكاتف الجهود لإيجاد الحلول المناسبة. وعند توفر الرسائل المناسبة بالأسلوب والإعداد والإخراج الأمثلـ ينبغي التنسيق مع الجهات ذات العلاقة لتحديد الوقت المناسب لبثها ولن يحدث هذا الدعم إلا في حالة اقتناع القيادات العليا بالحكومة بوجود مشكلة كبيرة تستدعي التحرك السريع ولابد ان يتم عمل تقويم مرحلي لا يقتصر على برنامج بعينه وانما تمتد إلى الخطة بأكملها فمن الضروري تقويم مراحل الخطة بصفة دورية للتعرف على النتائج التي تحققت وما بذل فيها من جهد ومال وكذلك متابعة ما لم يتحقق من أهداف وتحديد معوقات تنفيذه أو أسباب إغفاله ومن الضروري إجراء تقويم شامل للحملة فور انتهائها علي أن يستند هذا التقويم على ما حققته الحملة من أهدافها وليس على ما تحقق لها من شرعية أو مشاركة أو اختراق وهي معايير كثيراً ما ضللت القائمين على حملات التوعية العامة عندما يتم استخدامها كمعايير للتقويم، كثيراً ما نسمع عن حملات توعية عامة قامت وتقوم بتنفيذها بعض الجهات الحكومية على اختلاف أهدافها وغالباً ما يعتقد القائمون على تلك الحملات نجاح حملاتهم نتيجة للتغطية الإعلامية من خلال وسائل الإعلام المختلفة وهو ليس الأسلوب الأمثل لتحديد نجاح حملات التوعية العامة وإنما يجب أن تخضع تلك الحملات لدراسة مستفيضة من خلال البحوث والدراسات التقويمية قبل وأثناء وبعد نهايتها لقياس مدي نجاحها.

                 

أما الدكتورة إيمان الغمراوى نائب رئيس شركة إيجى مار للرخام ومدير العلاقات العامة بشركة لافيستا إيفنت ورئيس لجنة محو الأمية بروتاري مصر فتؤكد علي أهمية حملات التوعية سواء المباشرة أو غير المباشرة والفائدة القصوي التي تعود علي المجتمع من نقل المعلومة التوعوية بصورة علمية فإقامة ندوات للوقاية من فيروس سي أو المخدرات مثلاً قد تفيد فئة معينة من الناس ولكن التوعية تصل أسرع وتحقق الهدف لو كان أسلوبها سهل وشيق ولغتها بسيطة ويزداد تأثيرها لو ارتبطت بالفن مثلاً كأن يتبناها فنان محبوب لديه قاعدة جماهيرية عريضة بالإضافة لأهمية حملات التوعية غير المباشرة متي تم إستخدامها بطريقة صحيحة كإضافتها على سبيل المثال لدروس الأطفال بإستخدام شخصية افتراضية كارتونية محبوبة وما شابه ذلك ومن خلالها يتم دمج المعلومة التوعوية المراد إيصالها لتحقيق الهدف.

وأخيراً يضيف الدكتور وائل عويضة المدير الإستراتيجي لمستشفي 57357 لعلاج سرطان الأطفال أن حملات التوعية شديدة الأهمية لكونها جزء من رسالة المجتمع المدني ككل كما أن لها هدفاً أساسياً إذ تعد إحدي وسائل التغيير الإستراتيجية الفاعلة بالمجتمع فلا يمكن أن تكتمل أية خطة تنموية تضعها دولة أو مؤسسة ما لم تكن حملات التوعية جزءاً أساسياً من تلك الخطة وأداة فاعلة من أدواتها بفضل قدرتها المتزايدة بإستمرار على الدخول في مختلف المجالات وشتى الميادين والاضطراد المتواصل في تزايد وسائلها وتنوع أدواتها وتطور آلياتها الإستراتيجية والتنفيذية بالإضافة إلي المساهمة اللافتة التي تلقاها من قبل الجمهور الذي يعد الضلع الأساسي وربما الأكبر في تنفيذها كشريك رئيسي بها وليس مجرد عاملاً ثانوياً.

إقرأ أيضاً