نعم، أصبحت أم عزباء ولن أخجل، فالخروج من تجربة زواج غير ناجحة بأقل خسائر ممكنة هو بمثابة إنتصار ذاتي كبير. نظرة المجتمع لن أعيرها أي إهتمام، فلا أحد يتألم لألمي ولا أحد شاركني حياتي بكل تفاصيلها المؤلمة وإن كنت أعترف أن هناك تطور في الوعي الثقافي لدي مجتمعنا حيث أصبحت ظاهرة الطلاق في ازدياد مستمر فصار الأمر عادياً تماماً.


ولكن هناك سوء فهم لدي أغلب مجتمعنا المصري من جملة" أم عزباء" أو Single mum لانها إقترنت بقصة تلك الفتاة العشرينية التي حملت بدون زواج وتحدت الأهل والمجتمع منذ بضعة أعوام. الأم العزباء لا يعيبها ولا ينقصها شئ، فالزواج قسمة ونصيب، الفشل أو النجاح به أمر نسبي تحكمه معطيات كثيرة، ولكنه بالتأكيد ليس نهاية العالم. فما بين محاولة تخطي آلام الإنفصال عن الشريك والإندماج مرة أخري في المجتمع، تجد المرأة نفسها محط نظرات تعاطف أحياناً، شماتة أحياناً أخري، ولكن الأصعب هو التفكير في المستقبل،

وهل ستستطيع الارتباط بالشخص المناسب؟ومن هو الشخص المناسب إذا؟هل ستسطيع القيام بدور الأم والأب بنفس الوقت؟قطعاً الشخص المناسب للأم العزباء ليس بالضرورة أن يكون مُطلق أو أرمل، وإن كان ذلك هو الخيار الأسلم لها بحيث تكون ظروفهم مشابهة ويمكنه إستيعاب موقفها وظروفها. ولكن دعونا نقول بأنه لا توجد ضمانات في الحياة. الفكرة هي في جوهر الشخص وأولوياته وأسلوب حياته وتفكيره، وهل هم يناسبوها أم لا. كلها أفكار تجوب ذهن المرأة التي تطلقت وتعتقد أنه في يوم ما، سوف تجد الرجل الذي طالما حلمت به ولم تجده حتي الآن.

في وسط هذه العتمة، هناك نوراً في نهاية هذا النفق المظلم، هذا النور هو وجود الله بجانبها، ستتأكد أن صلاتها وكلامها مع ربها كفيلان بتهدءتها عندما تتكالب عليها الهواجس والمخاوف، ستأتيها رسائل ربانية لطمأنتها من الحين والآخر، رسائل فيها إجابة لتساؤلاتها التي لا تنتهي، ترشدها لما هو فيه خير لها وتبعد عنا الشرور، ستلمم أشلاء نفسيتها المبعثرة وتقوي نفسها بنفسها، تارة من خلال القراءة عن تطوير الذات وكيفية التغلب علي آلام الإنفصال، الكلام مع الأهل والإصدقاء للفضفضة...وتارة مع أقوال رضوي الشربيني التي تمنحها الثقة وتعزز حبها لذاتها، ستكتشف أنها تحمل بداخلها جندي شجاع لن يتهاون في حقه أو حق أطفاله، ستحمي نفسها بشجاعة وستصد نظرات الشهوة والعلاقات العابرة بكل قسوة، فهي تعلم تمام العلم، بأنه لا يلدغ مؤمن جحر مرتين. ولذلك فهي لن تعيد أخطاء الماضي ولن تضعف أمام مشاعرها ورغبتها في الدخول في قصة حب جديدة، إلا عندما تجد الرجل الذي يعلم كيف يحبها هي وأطفالها. فالعلاقات العابرة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لا يوجد لها مكان في حياتها.


ولتعلم عزيزي الرجل، إذا كانت الفتاة التي لم يسبق لها الزواج لديها مخاوف وتضع بينك وبينها جدراناً لتحمي نفسها، فالمرأة التي تطلقت تضع جدراناً أكثر سماكة وأشد صلباً، لانها تخطت الشعور بالوحدة وألم الإنفصال مع قلة الثقة بالنفس، ووصلت لبر الأمان حيث الثقة في الله ثم قدراتها، واستطاعت الوقوف مرة ثانية، بثقة أكبر، وعي أكثر وقلب أرق ولذلك فهي لن تسمح لنفسها أو لك بتدمير ما وصلت له فهي عكس ما يرونه أغلبكم، ليست أسهل ولا أضعف، هي إمرأة قوية تعلم ما تريده من الرجل ولن تقع في فخ الكلام المعسول والوعود الكاذبة مثل المراهقات. فقلبها لن يرويه سوي الأفعال التي تنطق بالحب، وثقتها واحترامها لك قبل أي شئ فهي تحمل في قلبها كل مشاعر الود والحب والدفئ، كل الاهتمام والرعاية والإحتواء، ولكن فقط لمن يثبت لها أنه أهلا لثقتها فيه، وأن يكون ملاذا آمناً لها عندما تشعر بالخوف والحيرة.
فكن لها رجلا، تكن لك أنثي.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام