ناجي حداد
المدير العام - شركة دليفركت في الشرق الأوسط

رغم انقضاء المرحلة الأصعب من أزمة كوفيد العالمية، ما زال مالكو المطاعم يشعرون بالضغوطات الناجمة عنها بينما يواجهون مشاكل النقص في الأيدي العاملة والتحديات المرتبطة بالوضع الصحي في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار المواد الغذائية والتكاليف التشغيلية.

في عام 2021، ارتفع التضخم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 14.8% وفقًا لتقارير صندوق النقد الدولي بينما يشهد العالم أجمع موجة أخرى من التضخم أثرت على التكلفة في جميع القطاعات وأجبرت المؤسسات والشركات على دراسة خدماتها بشكل استراتيجي يمكّنها من التعامل مع تصاعد الأسعار.

ولكن كيف ينبغي للمطاعم التعامل مع التضخم دون زيادة العبء على عملائها؟ هل يكتفي مالكو المطاعم برفع أسعارهم وحسب؟ أم أن هناك طريقة أفضل لإدارة ارتفاع التكاليف وحماية الأرباح مع اتخاذ مقاربة أكثر تركيزًا على العملاء واهتمامًا بهم؟

هناك خمسة أساليب للتعامل بذكاء واستدامة مع تضخم أسعار الأطباق في المطاعم، يمكن تلخيصها في الآتي:
أولاً: الرفع الاستراتيجي للأسعار
رفع أسعار الأصناف في قائمة الطعام هو الخيار الأمثل لمواجهة ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف التشغيل لكن زيادة الأسعار عشوائياً قد تؤدي لخسارة العملاء وقد تؤثر سلباً على سمعة المطعم لذا يجب تعديل أسعار الأصناف بشكل مدروس مع التركيز على رضا العملاء والأخذ بالحسبان الممارسات التالية عند رفع الأسعار:-
● زيادة الأسعار على مراحل فمثلاً مرتين لأربع مرات سنوياً بنسبة 2% للمرة الواحدة وهو أمر مقبول بحسب معايير القطاع.
● دراسة رفع الأسعار بنسبة بسيطة على أفضل المنتجات مبيعاً كالأطباق التي يطلبها العملاء باستمرار.
● تحليل أسعار القوائم لدى المنافسين للبقاء في نفس مستوى المطاعم المماثلة.
● تعديل وصف الأطباق التي تغيرت أسعارها مع التأكيد على القيمة والمكونات المقدمة.
● رصد سلوك العملاء بعد الزيادة وتعديل الأسعار فوراً اذا قل الإقبال على الأطباق التي ارتفعت أسعارها.

 

ثانياً: الاستعانة بهندسة قوائم الطعام
في ظل الوضع الاقتصادي غير المستقر، قد تتغير تكلفة المواد الخام بشكل مفاجئ نظراً لاضطرابات الإمداد أو المشاكل التي تؤثر على الإنتاج العالمي وعليه فزيادة أسعار الأصناف ليس الحل لكن هناك استراتيجية أفضل تمكّن المطعم من مواصلة تحقيق الأرباح وهي هندسة قوائم الطعام أي تحليل العروض بناء على البيانات لضمان كفاءة التكلفة لكل بند في القائمة واستمرار إقبال العملاء عليه.

وعندما يفهم مالكو المطاعم عملية الهندسة بشكل سليم، سيتمكنوا من اتخاذ قرارات صائبة حول الأطباق التي يرغبون بإبرازها والأسعار التي سيرفعونها والأصناف التي ستُزال من قائمة الطعام وسيكون تحسين قائمة الطعام بهذا الشكل أيضاً عاملًا يساعد المطعم في تبسيط عمليات المطبخ. ومن الجوانب الهامة لهندسة قائمة الطعام مراجعة تصميم القائمة، فحتى أصغر التغييرات قد تساعد في جذب العملاء لأطباق معيّنة أو لاختيار أصناف تعزز القيمة كالأطباق الجانبية والمشروبات أو المقبلات.

ثالثاً: تقليل هدر الطعام
بما أن رفع الأسعار هو الملاذ الأخير للمطاعم، يلجأ الكثيرون لأساليب أخرى لتحسين تكلفة الطعام ومنها التقليل من هدر الطعام وهي الأمثل للموازنة بين التكلفة المنخفضة والجودة العالية كما يعد تحسين إدارة المخزون والتسوق الذكي حل جيد إذ ينبغي للمطاعم فمثلاً تجنب شراء المواد الخام ذات التكلفة المرتفعة والتي تستخدم لعدة أطباق فقط أو للزينة واستخدام المكونات بكثير من الأطباق لزيادة قيمتها وتعزيز الأرباح.

ومن المفيد لمدراء المخزون جدولة توصيل كميات صغيرة على مدار الأسبوع بدلًا من توصيل دفعة كبيرة لأسبوع كامل مما يضمن عدم طلب كميات أكبر من اللازم من المكونات. وهناك أيضاً تعديل حجم الحصة، مع تحديد الأطباق التي تسمح بذلك من خلال دراسة الأطباق التي تعود للمطبخ، ومعرفة ما إن كان يتم تناول الطبق بأكمله أم هناك دائماً بقايا.

ويساعد ابتكار العروض لفترة محدودة على وقف هدر الطعام إذ تمكّن المطاعم من استخدام كافة المكونات قبل انتهاء فترة صلاحيتها واستعمال المواد الخام التي سيزداد سعرها لاحقاً. وأخيرًا، فإن التخزين الصحيح للمواد الغذائية يساعد في إدارة تكلفة الطعام وتجنب الارتفاع الحاد بأسعارها بشكل ينعكس على المستهلك.

رابعاً: الاستثمار في علاقتك مع الموردين
لا يمكن للموردين التحكم بتذبذب الأسعار ولكنهم يعرفون توجهات السوق وبالتالي يمكنهم إعلام مالكي المطاعم قبل ارتفاع أسعار بعض المكونات لذا لابد للمطاعم من إقامة علاقات جيدة مع الموردين فمعرفتك بارتفاع أسعار المكونات مبكراً تمكنك من البحث عن بديل مناسب وتعديل قائمة الطعام وتقليل الأطباق أو تعديل القائمة أفضل بكثير من إخبار الضيوف بأن الطبق لم يعد متوفراً.

خامساً: زيادة الطلبات خارج المطعم
ومن الطرق الأخرى التي تساعد علي التعامل مع تضخم الأسعار هو تشجيع العملاء على طلب الأطباق للتوصيل الخارجي أو استلامها لتناولها في مكان آخر فالطلب عبر الإنترنت مثلاً هو إإضافة مصادر جديدة للإيرادات والمطاعم التي تملك أنظمة جيدة لقبول وتوصيل الطلبات عبر الإنترنت تربح أكثر من تلك التي تقدم في المطاعم لأن تدفق الطلبات بتلك الوسيلة يوفر الوقت والمال والأيدي العاملة كما أن المستهلكين مستعدون لدفع مبلغ أعلى لتوصيل أطباق الطعام ذات الجودة العالية من المطعم للمنزل ولذا فرفع أسعار الأطباق المباعة عبر الإنترنت قليلاً لن يزعجهم.

وأخيراً، لا بد للمطاعم الحرص على حصول المستهلك على قيمة حقيقية مقابل ما يدفعه من مال فهناك كثير من الطرق التي يمكن للمطاعم الاستعانة بها للتغلب على تضخم أسعار الأطباق مع ضمان استمتاع العملاء بالجودة العالية بأسعار معقولة ومنها هندسة قوائم الطعام والقضاء على الهدر الغذائي وتحسين التواصل مع الموردين وتعزيز الطلبات الخارجية وكلها وسائل فعالة في الحفاظ على التوازن السليم بين تكلفة الطعام ومعادلة القيمة كما أن كفاءة إدارة عمليات المطاعم أمر أساسي للتعامل مع التقلّب في الظروف الاقتصادية وتساعد الإدارة المحكمة والدقيقة في تعويض آثار التضخم على عمل المطعم قدر الإمكان.

إقرأ أيضاً