تقول وأسمعك.. تأمر وأطيعك.. تغضب، أحايلك.. تفرح، أشاركك.. تحزن، أهتم لك وتشقي فأسعدك وأسعد لك.. يكمل بعضنا الآخر.. بيننا حياة.. بحلوها ومرها.. مجرد حياة.. أنت فيها الرجل وأنا كل النساء!!

ما يجمع بيننا ليس وقتاً مضي أو يوماً نتقاسمه.. ليس ماضياً ولى.. حاضراً يمضي وغداً نحلم به.. ما يجمع بيننا قليل الكثير وكثير العدم.. كل شيء وشيء من كل شيء..  إنها جموع تلك الذكري القريبة التى شكلت أيامنا علي قصرها ورسمت سنوات العمر علي امتداده.. حصيلة أوراق متناثرة جمعناها.. لملمنا قصاصاتها لنكتبها سوياً.. أهداف مشتركة.. حلم نسجنا خيوطه معاً وواقع نتقاسم ساعاته وتعدو ثوانيه بنا طويلة ببعد كلانا عن الآخر.. ما يجمع بيننا ليس ورقة أو رباطاً.. بل رغبة في البقاء.. استمرارية مسيرة عكفنا عليها منذ البداية ونعمل سوياً علي تحقيقها.. نجتهد وتأخذنا تلك الرغبة الدفينة في مواصلة التحدى ونستثمر فيها.. من وقتنا.. من حلمنا.. من راحتنا وقلقنا.. من جهدنا.. من التزامنا.. من مشاعرنا.. من دفيء دقات قلوبنا.. نسمات أيامنا وسنوات عمرنا.. ما يجمع بيننا ليس الزمان ولا المكان.. إنه تلاقي تلك العقول وائتلاف تلك الأفئدة.. النظرة الواحدة والرؤية المشتركة والهدف الذي حددناه سوياً.. ودوماً تحد ومزيد من التحدي ورغبة قوية في البقاء.

نعم.. ضعيفة أنا في مشاعري تجاهك.. في رغبتي إرضائك.. في سعيي ورائك.. في بحثي عنك وإصراري الدائم علي البقاء معك.. أشاركك تفكيرك.. وقتك.. عملك.. أصدقاءك.. تفاصيل حياتك الدقيقة، وإن لم أقضها معك.. أوراقك وإن لم أرها.. ساعات يومك الطويلة بدوني وذكراي تجيش في صدرك طوال الوقت.. نعم.. أريدك كلك لي.. لأنني ببساطة كلي لك.. أنفعل أحياناً.. أثور دوماً.. أشعر بالصقيع يغشانى بدونك ويغمرني الدفء بين ربوعك.. فأنت الحياة.. منك وإليك.. أنت ملهم القوة وأصل الثبات ومنبع الاستقرار وأنت الأرض الصلبة التي أقف عليها فتلهمني.. منتهي القوة!!

نختلف ونتفق.. نتعاتب.. نتخاصم.. وأعود دوماً إليك.. وأركض أبداً نحوك.. وأجوب الطرقات بحثاً عنك.. فأنت أصل الحكاية.. نقطة البداية والنهاية.. قصة نكتبها معاً.. أنت فيها الرجل.. وأنا -ما أنا- إلا كل النساء.. قوتي في ضعفي تجاهك وقوتك في احتوائى وحمايتي والحفاظ علي الحياة.. وكما تاه آدم، تتوه حواء، وكما ضلت حواء، أضل.. ويخطئ كل الرجال وتتوه كل النساء.. بين القوة والضعف.. بين الحماية والسيطرة.. بين العقل والمشاعر.. وتأتي نقطة اختلاف.. عند نقطة ما، نختلف.. نتشاجر وترتبك الحياة.. يعلو صوتك صراخاً وتنسال دموعي الصامتة نحيباً ساخناً ولوعة وألم ورهبة.. وتخطيء التقدير وأسيء الانفعال وتتوال ردود الأفعال بيننا وتباعد بيننا المسافات لتصبح الأزقة الضيقة طرقات سريعة وأميالاً تتوالي لتباعد بيننا.. حبيبي.. صوتك الجهوري وقراراتك السيادية ليست قوة.. تسلطك حيناً وتشددك فى كثير من الأحيان ليس قوة.. ودموعي أمامك ليست ضعفاً.. نعم.. قراراتك لا تعني دوماً سيطرتك، وانصياعي لها لا يعني خضوعي المطلق لك.. تلقي أحياناً علي مسامعي ما لا أحب سماعه فأطيعك.. تهجرني فأركض خلفك.. تشتت أيامي فألملم أيامك.. تبتعد عني لأقترب منك.. أنا القوية أنهار أمامك.. أنا الصلبة ألين معك.. أنا الشديدة البأس تنهار مقاومتي تجاهك.. أركض خلفك.. أحاورك.. أبحث عنك.. فأنت لي القوة وإن كانت بدونك.. وأنت لي الحياة وإن كانت تسير.. وأنت لي الغد وإن كان سيأتي حتماً.. بك أو بدونك..!! وكلما ازدت قوة ازدادت حاجتي إليك.. وكلما اشتد بأسي ازدادت رغبتي في المثول بين يديك.. تشاركني أفكاري وإن كانت صائبة.. أسألك الحل وإن كنت أدري دوماً إجابة السؤال.. تلهمني فكرة جديدة.. حقيقة غائبة.. خطوط لوحة.. موضوع بحث.. أو مضمون كتاب.. أحتاج إليك وليس ضعفاً مني.. مشاعري معك لا أخفيها.. أحاسيسى تجاهك لا أنكرها.. وحياتي معك قصة أحياها وتتجدد فصولها كل يوم!!

وللحق، الخلاف الجذرى بيننا ليس حكراً علينا.. إنما واقعاً نحياه.. وتحياه معنا أجيال متعاقبة وتاريخ بشرية يتجدد منذ الأزل.. بنفس القدر.. ونفس القوة.. ونفس الضعف.. ونفس المصير.. قدر يجمعنا ويجمع الرجال وكل النساء.. نتساوى جميعاً فى سوء استيعاب ميزان القوة والضعف وحسن تقدير كل منهما.. يرى الرجل فى البطش والتسلط بالرأى فى كثير من الأحيان والصوت العالى فى كل الأوقات كثيراً من البأس والصرامة والصلابة والقوة.. مخطئين فى اعتقادهم بما فى ذلك من فرض السيطرة التى لا تعنى القوة فى أغلب الأحيان.. وعلى النقيض الآخر، تسيء المرأة الاعتقاد بأن النزول لرغبات الرفيق كان زوجاً أو حبيباً ومحاولة إرضائه والرضوخ لتيار العاصفة العاتى ليمضى بأمن وسلام وأقل الخسائر الممكنة ضرب من الوهن والضعف والتخاذل متجاهلين أن قوة المرأة الحقيقية تكمن في تلك السكينة التي تغلفها عند الغضب والهدوء الذى يغشى ملامحها عند الثورة وتلك القدرة الفائقة على استيعاب الثائر، الساخط، الغاضب والمتمرد وإن لم يكن دوماً علي صواب.

ولأنك رجل ولأنني من معشر النساء، نتفاعل بشكل طبيعي وروتيني، شأننا شأن أجيال سبقتنا وأجيال أخري ستلحق بنا.. وعلي اختلافنا، أعود إليك ودوماً أعود إليك.. فأنت لى الملجأ والمرفأ والملاذ.. أنت لى العالم الكبير الذى يضيق علي حلقة صغيرة تجمعنا معاً ونقطة صغيرة هي بداية سطر ونهاية آخر في قصة نكتبها معاً وأبداً نكتبها معاً.. أنت لى الأمان عند الخوف والحماية عند الحاجة والأمل فى جوف اليأس والحب أبداً.. أحضانك الدافئة تخفى دموعى التى تراها وحدك فهي منك وإليك ودقات قلبى التي تسمعها وحيداً فنبضاته هي لك وحدك.. أنت لى العالم من حولى يتسع ويضيق.. يضحك ويبكي.. يلين ويقسو بقدر مشاعرك تجاهى وعشقي لك وانفعالى بك ولك.. أنت لى الأمل فى غد آت معك لا محال وماض شقى ولى بدونك.. حاضر أتقاسمه معك.. أنت لى الحياة.. نبع الحياة.. كل الحياة!!

صوتي الخفيض قد يعلو أحياناً.. انفعالاتي تشتد حيناً لتخبو في كثير من الأحيان وتستيقظ دوماً من جديد.. أحتويك لتحميني.. أحبك لتزداد بأساً وتزيدني قوة وإصراراً وتحدى يوماً بعد يوم.. تمضي بيننا الأيام وتهرول بيننا أحداث أيام تباعدنا لتجمعنا وتفرقنا لتلملم الأشلاء المتناثرة وقصاصات الأوراق البالية وأبداً أضعف تجاهك ودوماً تقسو وتدعي القوة.. ضعفي تجاهك ليس ضعفاً.. حاجتي إليك ليست خضوعاً وخشوعاً وعجزاً وهجرك لي ليس أبداً قوة.. صراعنا حقيقة أبدية يعيشها الرجل وتحياها كل النساء!! إنها تلك الحلقة المفرغة الواسعة علي ضيقها.. تحميها أحاسيسنا المشتركة ورغبتنا دوماً في البقاء.. تخطئ أحياناً فهمي وأسىء إليك دون قصد منى فحاجتي إليك تزداد وتشتد يوماً بعد يوم.. منك وإليك.. تبدأ الحياة وتنتهي.. معذرة سيدي إن كنت أبكي فدموعي ليست ضعفاً مني وضعفي أمامك منتهي القوة!!

قوتى هي أبداً منك وإليك.. يقولون عنى صلبة لا أنكسر، عتيدة لا ألين.. متقلبة الشعور وصعبة المراس.. وما أدراهم بي تجاهك وما أدراك بحقيقة كونى بدونك.. فلا حياة لي فى غيابك عنى ولا سعادة لأيامي بلا وجودك ولا طاقة نور تزين أيامى وتفجر بداخلى الحياة سواك ولا أمل يتجدد إلا على أمل بلقائك وتواصلي الدائم معك.. أتوق لساعاتى وأيامي معك وأمضى اليوم شوقاً لنهايته بك. ومنك وإليك.. تفاصيل حياتك تشغلني.. همومك تؤرقني ودقات تلك الساعة التى تفرق بيننا لتعود وتجمعنا على أمل دائم بلقاء ووعد أبدى بتواصل يؤلف القلوب ويلملم شتات النفوس الحائرة. مواجهتك الحياة وحدك بهمومها وتعقيداتها وعزفك الدائم عن مشاركتى الحديث ولغة الحوار الغائبة بيننا ليست دوماً قوة منك وإشراكك معى فى تفاصيلي ليس عجزاً منى على مواجهتها وحدى.. خلقنا معاً.. لنسعد ونشقى.. لنفرح ونحزن.. لنتقاسم صغير ودقيق التفاصيل قبل كبيرها.. رضينا بحمل مشترك نحمله  معاً.. وكأس واحدة نغترف منها سوياً رحيق السعادة والأمل ومنتهي المني وكل الشقاء..

نعم.. قد أحيا بدونك.. وسأحيا كما كنت أحيا.. ستسير أيامي وتمضي بي الساعات.. كما مضت وكما ستمضي كل يوم.. سيأتي الفجر بداية ليوم جديد وسيأتي الليل كما يأتي النهار دوماً من جديد.. ستنطوي الدقائق بدونك.. وستصبح ذكري عذبة في جموع الذكريات.. وستلهمني كل صباح.. قصة جديدة وقوة متجددة.. وسأذكرك.. وأبداً سأذكرك.. وستجدد بداخلي تلك الطاقة الفياضة وسأقوى.. نعم.. سأقوي.. وأبداً ستظل بداخلي ملهم القوة.. فمن لحظة ضعف عابرة -يوماً- أمامك، جاءت منتهي القوة!!

إقرأ أيضاً