النكد أو التنكيد فن قديم يجيده الرجل بسلاسة ويسر وتبرع فيه المرأة بكل إمكاناتها وقدراتها، نونه نِقار وكافه كآبة وداله دآبة علي مواصلة الصراع واستكمال مشوار النقار والشجار والعراك. منذ بدء الخلق،
والحرب قائمة بين الجنسين وحلبة المصارعة مشتعلة بالاتهامات والقصف والتشهير والتنكيل وأحياناً الإشتباك بالأيدى. قديماً،ارتبط النكد بالمرأة علماً بأنه علم مذكر -حسب قواعد النحو التي وضعها الرجال- والاتهام دوماً ورائه رجل يلهث لإثبات قدرة المرأة الفائقة علي قلب الحقائق وتزويرها وتحويل الابتسامة البريئة الصافية لعويل وصراخ وشجار دائم متجاهلاً كونه أحد الأسباب الرئيسية التي تدفع المرأة دوماً لمزيد من التنكيد، وبين الجاني والمجني عليه يتوه الطرفان ويضيع جوهر السؤال. منذ بدء الخليقة، كان آدم وكانت حواء وبينهما حياة مودتها شجار دائم ورحمتها فتور أصبح يغشي أغلب العلاقات داخل منازل أغلقت أبوابها في وجه التفاهم وامتلأت جدرانها بتحفز وترقب وانتظار وشبح الفراق يخيم علي ساكنيها فيطغي حيناً علي أحاديثهم ويسكن حيناً أذهانهم ويستقر دوماً بالقلوب وضرورة ملحة لوضع خاتمة لتلك الحياة.
ولك سيدتى، اعلمي جيداً أن الانفصال ليس الحل الأمثل لأنه لن يحقق لك السكينة المرجوة بل هو التنفيس عن تلك الطاقة المكبوتة بداخلك الذي سيعيد لك توازنك النفسي واستقرارك الداخلى وسلاحك الأساسى في تلك المعركة. النكد وكثير من النكد، يكرهه الرجل وتجيدين كل فنونه فعليك به ولا بأس من ابتكار فنون غير تقليدية فالهدف كبير بل هو الهدف الأكبر على الإطلاق. فقط عليك التركيز مع وضع خطة زمنية قصيرة المدي وحذار من التمادى فى الفترة الزمنية فأنت بطبعك مرهفة الحس لا تقوين على مواصلة الصراع لفترات طويلة والأهم حتي لا تصاب أعصابك المرهفة بالضجر ولا تكل عزيمتك القوية فالوقت ليس دوماً في صالحك.
عليك بداية بالإعداد الجيد للمعركة. ابدأي أولاً بشحذ ذاكرتك بكل صفاته السيئة ومواقفه المشينة، تجاهله مشاعرك، قسوته أحياناً وعنفه وإن كان له ما يبرره، صوت صراخه الدائم، هجره للمنزل بسبب أو بدون فستعطيك تلك الحصيلة من الذكريات السلبية القوة المطلوبة والقدرة المناسبة علي تنكيد حياته قدر المستطاع. عليك أيضاً في تلك الفترة أن تكثري من الاستماع للصديقات فلهن بالغ الأثر في شحذك ضد زوجك بتضخيم تصرفاته العادية وعاداته التي هي طبيعة كل الرجال لتزداد بداخلك مشاعر الاضطهاد والقهر وتصبح أيامك حالكة السواد وحياتك معه غلطة عمر يجب التخلص منها. عندها اعلمي أنك أصبحت جاهزة تماماً، عليك فقط الآن اختيار التوقيت المناسب وابدأي المعركة. لا مانع من أن تملأي حفيظته غيظاً من صوت الموسيقي المرتفع عند استيقاظه صباحاً، مسكينة فهو مخلوق فج لا يتذوق الفن الرفيع ولا مانع أيضاً من قضائك ساعة كاملة في الحمام عند استعداده للذهاب لعمله ليحول ذلك دون تمتعه بحمام الصباح الدافئ وحلاقة ذقنه وارتداء ملابسه التي يجب أن تكون دائماً متسخة أو لم يأت بها المكوجي بعد، وما العيب في ذلك فليرتدي أي شيء، أذاهب للعمل أم لنزهة مع الأصدقاء!!
إجعلي مبرراتك واضحة وحادة وخلال اليوم -وأعلم أن في ذلك مجهوداً كبيراً عليك- لا تنسي المكالمات الهاتفية المطولة والمكثفة والمتلاحقة، إشركيه في مشاكل المنزل، عطل الثلاجة، فاتورة الكهرباء، إستهلاك المياه، هموم الأولاد ومصروف البيت، مشاكل جيران لا يحب اختلاطك الدائم بهم وأخبار والدتك -حماته المبجلة- التي لا يحب سماع أخبارها وطبعاً قصص صديقاتك ممن لا يذكر أسماءهن من كثرتهن وقلة تركيزه، لا مانع من شجار أو اثنين خلال اليوم فسيساعده ذلك علي فقدان التركيز تماماً بعمله الأمر مما سيثير حفيظته فيعود للمنزل مكفهراً من جراء نهار شاق وعراك لا يهدأ.
لا تيأسى ولا تكلى فالجولة المسائية لابد وأن تأتى أعنف وأشق وأكثر صعوبة والتهاباً وطبعاً غير محتملة. تبدأ الجولة المسائية صاخبة لتشيد بقدرتك علي تحويل الحياة لجحيم دائم ونيران لا تهدأ. هناك بعض النصائح الصغيرة لا تغفليها. حذار من توافر طعام الغداء أو لنقل العشاء فهو لا يعود مبكراً من عمله الطويل بل احرصي علي الخضروات والفواكه الطازجة فهي تكفي لغذاء صحي متكامل وبيت والدته -التي أنت علي خلاف دائم معها- مفتوح في حالة رغبته في تناول وجبة طبيعية ولا تنسي دعوة الصديقات الدائمة للقهوة مكررة دوماً علي مسامعه أهمية التواصل الاجتماعي والعلاقات الإنسانية مع استيائك الدائم من رغبته في رؤية أصدقائه ولو لمرة أسبوعياً. كرري السيناريو يومياً ولا تيأسي فالنهاية قادمة لا محالة. وعند انفجاره من تشويش الذهن وقلة النوم وافتقار الحياة الهادئة، تمالكي أعصابك، ناقشيه بهدوء وحبذا أن يكون ذلك ليلاً خلال ساعات النوم.. ومع فشلك المتوقع معه.. اخلعيه واستمتعي بهتاف الصديقات وإشادتهن بشجاعتك وصواب قرارك الذي لن تقدم إحداهن عليه!!
واليوم، وحيدة لكن هادئة بمنزل فارغ لكنه سعيد علي حد تعبيرك تستعيدي الذكري. ومع سقوط الأقنعة تبدو لك الحقيقة عارية، إنها حياة تمضى بنا وستمضى حتماً بحلوها ومرها، ضلعها أنت وقطبها الرئيسى هو ذلك الرجل بعيوب لم تر غيرها وميزات لم تلحظيها، ذكريات حلوة معه وكثير من المرارة والألم تصنع فى النهاية قصة عمر ورحلة حياة. ستفتقدينه، ستبحثين عنه، ستجوبين الدنيا سعياً وراء ذلك المارد وتلك القصة التى لا تنتهى لتبدأ دوماً من جديد. ولأنها حياة، تجاهلي سوءها وعيشي حلوها فالساعات تمر في كل الأحوال والأيام تنطوي بكل الصور وقطار العمر سيمضي بنا حتماً لتبدأ الرحلة بأجيال جديدة. المرأة هي المرأة والرجل هو كل الرجال!! طفل كبير، استأنسيه، حاوريه، احتويه لتملكيه، تثقفي زوجياً لتفهمي نفسك وتفهميه وأخيراً عيشي معه وأحبيه بدلاً من أن تنكدي عليه وتخلعيه.