غريبة القصة.. غريب اللقاء والأغرب تفاصيل جمعت بيننا.. قصة بدأت من فورها بتلاقي أعين غريبة أمست في برهة قصيرة أقرب الأحباء وأسطورة عشق وليدة نسجت خيوطها الأولي بتعانق أيدي الغرباء وبداية تعارف وبطاقة مودة وكارت شخصي يحمل كلمة لقاء.. وكان تعارفاً..

وكانت بداية ووعد خفي بتواصل وحدوتة حب وليدة علي الأبواب.. ومن الصدفة، جاء الوعد ورباط غليظ أوثق شقي الرحى على وعد دائم بتواصل أبدي وقصة.. بداية قصة.. مجرد قصة.. ومضة رومانسية خاطفة دقت أبواب القلوب الخاوية وزغزغت جدران العقول الحائرة بحثاً عن قصة.. عن قصة حب.. كان لقاء عابراً وكانت صدفة عمر.. غريبان عن أرض المنشأ ومسقط الرأس ومحل الميلاد.. رحل عنها صغيراً وعاد إليها صبياً لتجمعهما حدود المكان مجدداً.. بلا هدف واضح.. بلا ملامح دقيقة.. بلا سبب.. بلا موعد وربما بلا أمل وأبداً حلم يداعب أطياف الخيال السابح مرحاً في بيداء الدنا بحثاً عن أليف.

وكنت الأليف.. وكنت الصديق.. وكنت الحبيب.. أخاً لم تلده أمي من فرط لوعتك.. أباً لم يأت لي بالدنا من فرط احتوائك.. صديق عمر لم تجمعنا سنواته وحبيب سنوات قادمة لا محال.. أيام طويلة ستمتد.. بطول الدهر وبعده.. أيام هي منك وإليك.. وكنت لك سلوى وملاذاً وحلماً.. مرفأ لسفينة تائهة ومستقر لقلب شريد.. سكنى لروح هائمة وشفرة اللغز الحائر في العقل الكبير..وكان اللقاء.. وكانت الصدفة العابرة.. يوم التقينا.. جميل كان يوم التقينا.. شمس مشرقة وإن غابت.. سماء صافية وإن تلبدت بغيوم أواخر أيام الشتاء.. أرض رحبة وإن تكدست.. سكون محبب وأصوات الضجيج تعم أرجاء المكان.. يوم التقينا.. شعرت بك شديد القرب.. توأم روح.. أليف فؤاد وأنيس رغم البعد.. لملمت شتات غربتي وبثثت في الجسد الحياة.. يوم التقينا.. أحاسيس تتدفق في سلاسة ويسر وحرية وكثير من الانطلاق والسعادة وكل النشوى.. وبدورك، انطلقت.. مراهقاً في ثوب الأربعين.. صبياً في منتصف العمر ومحباً ببراءة الوليد وعشق الصبي علي أعتاب الحياة.. أسارير تنفرج وضحكات مجلجلة تعم أرجاء المكان.. وطاولة صغيرة في ذلك المقهي النائي جمعتنا معاً.. حواديت الماضي توالت في تتابع مذهل وتواصل مستمر.. طرائف أيام مضت بدونك وأرويها بدقة.. تفاصيل واقع تحياه وخطط مستقبلية وأحلام.. أوهام.. أطياف خيال سابح بلا قيد ولا شرط ولا انقطاع.. طيارة ورق صغيرة نسجناها معاً علي تلك الطاولة الصغيرة وفنجان القهوة الدافيء وحديث لا ينقطع.. يوم التقينا.. أمسية ربيعية وساعات الظهيرة امتدت لما بعد منتصف الليل.. قصيرة ساعات اللقاء علي طولها.. سريعة دقات الساعة وكان كلانا يشكو بطء ثوانيها وقسوة رنينها وطول مسافات باعدت بيننا.

رأيتك ملياً.. سنوات طويلة قبل اللقاء.. رآك القلب قبل العين واشتقت إليك.. لطالما اشتقت إليك.. رأيتك في سنوات عمر طويلة مضت على عجالة من فرط طول الانتظار وشوقي إليك ولقاء دام انتظاره ومنتصف عمر جمعنا معاً.. رأيتك بقلب استوحش غيابك.. فؤاد احتار أبداً شوقاً إليك وجاب أرجاء الدنا بحثاً عنك.. رأيتك بعقل مستنير بتراكم سنوات العمر وخبراته وأيامه الطويلة ورحلة بحث.. ودوماً عنك.. رأيتك في الجزء والكل ومنتهى الأشياء.. رأيتك بداية السطر وحده الفاصل ونهاية تأتي لتبدأ من جديد وأبداً معك.. ومنك واليك.. حياة.. وأمل.. وقصة حب وأنشودة خلود وأمل يتجدد وحلم الخريف يتقهقر علي أعتاب ربيع المدينة الساحر.. ورأيتني بعين المحب.. كما لم يرني أحد من قبل.. رأيت دفق المشاعر في قالب تمرد وعصيان غلف أيامي الطويلة بدونك.. لمست شفافية الروح المستكينة خلف جدران الجسد الثائر والصوت الجهورى والعين الحادة والفكر الشارد والعقل الحائر وإن بدا غير ذلك.. لمستني.. أحسستني.. أدركتني.. شعرت بي وعرفتني.. وعرفت فيك الحلم القادم والأمل المرتقب وربيع مدينتي الصغيرة علي الأبواب.. طرقات الحي الصغير تزدان بقدوم الربيع وساعاتي تزدان فرحة بقدومك.. وأيامي معك.

جميلة أيامي معك.. وجميلة أيامي بدونك.. دوماً بترقب وانتظار.. وفرحة اللقاء.. يوم التقينا.. عزيزاً كنت علي قلبي من وهلة.. من لمحة.. من ومضة حانية.. كبرياء محب يغلف جدران قلبك المكلوم وحزن دفين في العين الباسمة وجرح غائر في الروح الحالمة وسنوات عمر ممتدة تنوء بحملها وأحداثها وصورها ولوحة قاتمة لماض بعيد ترويه لي وأحياه معك.. حالة غريبة استقرت بقلوب الغرباء المحبين وكيوبيد ينسج سهامه بسرعة متلاحقة لكأن كلانا يأمل في توقف دقات الساعة وهجران المكان ونكران الزمان.. فأنت المكان وزماني موعد لقائك.. وسماوات أكثر اتساعاً وعوالم مختلفة تجمعنا معاً.

وبدون اتفاق مسبق، كان كل الاتفاق.. وبدون رغبة منا، كان الوفاق وكل الوصل والوعد ودون إرادة، كانت قصة عشق جمعت القلوب وألفت الألباب الشتيتة والأرواح الهائمة.. وعلاقة جديدة من ذلك النوع الشائك الذي اعتاد كلانا عليه.. علاقة مستحيلة.. ضرب من الخيال بل قل ضرباً من المحال.. هكذا تبدو وإن خالف باطنها ظاهرها وضم فحواها ما لا تراه العين المجردة في زمن العولمة وأرض المعجزات.. وكانت.. وقد كانت.. وأبداً ستكون.. فما عاد لرفيقى الضرب من حياة دون الآخر.. وما عاد للزمان ولا المكان من معني سوي جدران اللقاء. وتوالى اللقاء ليدرك كلانا كم كان الفراق طويلاً والبعد مريراً والأسفار بلا معني ولا مغزي سوي البحث عن الأليف وتوأم الروح وأنيس الوجدان التائه بدونه.. كم كان الأمل قوياً في رحلة بحث كلانا عن الآخر.. البحث عن ذات تكمله وقلب يألفه وعقل يستكين إليه وروح هي توأم الفؤاد ونصفه المنشطر يجوب الدنا بحثاً عنه وأيام طويلة ستجمعنا معاً.

عنيفة أنا في قوة مشاعري إزاءك وشديد اللين أنت بقدرة فائقة علي احتواء جموح الشاردة وثورة الغاضبة وعصيان المتمردة.. عنيدة أنا في إرادتي الصلبة برغبة صادقة في المثول بين يديك.. فقط بجوارك، تأتي الحياة وتنتهي.. تبدأ القصة لتتوارى.. تأتي المعاني لكل المعاني وتأتي النهاية ببداية جديدة.. في القرب منك حياة وفي البعد عنك انكسار.. قوية بدونك والأجمل ضعفي إزاءك وقلة حيلتي معك.. وما حاجتي لها.. شكيمتك تروى ظمأي للحب والتفاؤل وكل الحياة.. تهديء من روعي.. تشد من أزري.. تزيد عزيمتي.. تقوي شكيمتي.. تبث بجوارحي التفاؤل وتغمر أيامي بحبي لك.. وهزيمتي معك –هي في الأصل- قمة اللذة وأصل الحكاية ومنتهى القوة.. جميلة ذكرياتي بدونك، تحكي معي أيامي معك وشوق انتظاري لك.. جميلة تفاصيل حاضر وصدفة قادت بكلينا للآخر.. وجميل غد سيجمعنا لا محال.. وأيام.. أيام.. أيام.. تتوالى في تتابع وتلاحق.. تتراكم.. تتسارع.. وتجمعنا معاً وأحلامي معك.

وتسألني لماذا أحبك.. وتكرر السؤال.. أتسأل البيداء شوق رمالها لحبات المطر.. أيسأل الزهر شوق أوراقه لنسمات الربيع.. أتسأل غيوم الليل شوق ظلمتها الداكنة لوميض خيوط الفجر الأولى.. وتسألنى لماذا أحبك.. بسيط السؤال وشديدة التعقيد إجابته الشافية.. أحبك.. نعم أحبك.. أحبك كتلة متجانسة من تناقضات محببة تجمعنا معاً.. أحبك طيفاً حالماً يداعب خيال المراهقة علي أعتاب منتصف العمر.. أحبك قوياً متى ألين وضعيفاً متى تقوى أيامي.. أحبك عاصفاً متى انهزمت.. محباً متى قسوت.. سعيداً متى شقيت.. شامخاً متى انهزمت.. معتزاً متى هويت وأبداً تغمرني برحيق ربيعك وأيامي معك.. أحبك.. كلمة.. همسة.. أنشودة عشق وأسطورة حياة.. أحبك.. عالم خلقته لي وكون صنعته لك.. غمرت الكون ببريقك فصنعت لليوم معناً وللعالم مغزاً وللحياة مضموناً.. أحبك.. ما أهونها كلمة وما أقصرها على التعبير عن مكنون ما تجيش به روحي قبالك.. كلمة صغيرة.. حروفها من نور وقلبها بلورة سحرية تجمعنا معاً.. وأستكين.. وأهدأ.. فقط.. متي التقينا.. ويوم التقينا.. هدأت الروح الشاردة وسكن القلب لا محال.. وابتسم.. لليوم.. للأمس بمره.. للغد بحلوه القادم أبداً معك.. وأجيال ستروي حتماً من بعدنا أيامي معك.. قصة عشق أبدية ولدت للخلود وذكرياتي معك.. أحبك منظومة متكاملة من شيء.. وأي شيء.. وكل شيء.. أنت.. أحبك أنت.. كما أنت.. وكما كنت.. وكما أبداً ستكون.. اندفاعك المحسوب.. ثورتك الهادئة.. شفافيتك المغلفة بأسرار وطلاسم الماضي البعيد.. رقتك القاسية.. قوتك الواهنة.. لهفتك لقائي وشوقي إليك.. أحبك أنت.. وأبداً أنت.

وكان اللقاء.. يوم التقينا وأبداً سنلتقي.. فما عادت الفرقة بعد التلاقي وما عادت الوحشة بعد التواصل وما عدت بدوني وما عادت أيامي بعيداً عنك. واليوم، ليمضي قطار العمر كما يشاء.. لتقطع سنواته العابثة أميال الحياة تجمعنا معاً.. لتدق الساعة أو لا تدق.. لا يهم.. لتتراكم الثواني أو لا تتراكم.. لا يهم.. فالأصل فيك حبيباً وأليفاً ووليفاً ورفيقاً.. الأصل فيك حقيقة وواقعاً وأملاً على موعد بلقاء.. وسنلتقي.. أبداً سنلتقي.. إن شاء القدر أم أبت أحكامه.. سنلتقي.. على وعد.. على حلم.. على فنجان قهوة دافيء.. على رقعة بيضاء ممتدة سنكتبها معاً.. علي بدر ليلة مكتمل فيها القمر يغمر بوميضه حلكة الليل الدامسة.. وسنلتقي.. ليدق القلب الهاديء.. لتهدأ الروح ويستكين الوجدان ويطلق العقل لأحكامه العنان.. وسنلتقى.. في نظرة عتاب.. في لمسة حب.. في باقة زهر الربيع ونسيم الأيام الصيفية.. وسنلتقي.. لتهديء من روعي.. رجاء.. توسل.. شفاعة.. ووعد.. وأبداً هديء من روعي.. فأنت الأليف ومنتهى الرغبة.. وأنت المنى.. كل المنى.. هديء من روعي.. اغمرني.. احميني.. داعبني.. اقس علي لألين أبداً.. وأبداً ودوماً.. ابق معي.

إقرأ أيضاً