ولد في 15 يناير 1929، زعيم أمريكي من أصول إفريقية، قس وناشط سياسي ومناهض ضد العنصرية. في عام 1964، كان أصغر من نال جائزة نوبل للسلام وإغتيل في أبريل عام 1968 ليمسي أحد أهم المطالبين بالحرية وحقوق الإنسان، إنه مارتن لوثر كنج.
عام 1929، كاد التوتر يفتك بالأب كينج بمدينة أتلانتا من عذاب زوجته ألبرت أثناء حملها للطفل وولد الطفل مارتن لوثر كينج وبدا ميتاً حتي صدر منه صراخاً واهناً سببه صفعة شديدة من الطبيب. كانت جذور الطفل تمتد بعيداً بأفريقيا التي إقتلع منها أجداده ليُباعوا ويُشتروا بالأراضي الأمريكية ويستغلوا لخدمة السيد الأبيض، إلا أن الأب كينج كان طموحاً فعمل راعياً لكنيسة صغيرة إثر تلقيه العلم بكلية مور هاوس وعاش بعد زواجه في بيت حميه ويليامز ورفيقه فيما بعد بحركة نضال الأفارقة والتي سار فيها مارتن على درب أبيه وجده حتى أصبح أشهر المطالبين بالحقوق المدنية للأفارقة والأقليات معتمداً علي مبدأ اللاعنف أو المقاومة السلمية على طريقة المناضل الهندي غاندي مُستشهداً بقول السيد المسيح «أحب أعداءك وأطلب الرحمة لمن يلعنونك وإدع الله لأولئك الذين يسيئون معاملتك».
وكانت بداية شرارة التغيير
كانت حملته بداية حقبة جديدة بحياة الأمريكان ذوي الأصول الأفريقية فكان النداء بمقاطعة شركة الحافلات لمدة عاماً كاملاً مما أضر بإيراداتها إذ كان الأفارقة يمثلون 70 % من ركاب خطوطها ودخلها السنوي. لم يكن هناك ما يدين مارتن فألقي القبض عليه بتهمة قيادة سيارته بسرعة 30 ميلاً في الساعة بمنطقة أقصى سرعة فيها 25 ميلاً وألقي به في زنزانة مع السكارى واللصوص والقتلة وكان أول إعتقال له عانى خلاله من أوضاع غير إنسانية حتي أُفرج عنه بالضمان الشخصي. وفي 30 يناير 1956، خطب بأنصاره بعد إلقاء قنبلة على منزله كادت تقتل زوجته وإبنه وفجرت الغصب بمونتجمري قائلاً «دعوا الذعر جانباً ولا تفعلوا شيئاً يُمليه عليكم شعور الذعر، إننا لا ندعو للعنف». وبعد أيام، إعتقل وعدد من القادة بتهمة إعاقة العمل دون سبب قانوني وإستمر الإعتقال حتي قامت أربع سيدات من ذوى الأصول الإفريقية بتقديم طلب للمحكمة الإتحادية لإلغاء التفرقة بالحافلات بمونتغمري فأصدرت المحكمة حكمها التاريخي الذي ينص على عدم قانونية التفرقة العنصرية وطلب كينج من أتباعه إنهاء المقاطعة وتم الإفراج عنه.
الإعتصام لمناهضة العنصرية
في يونيو 1957، أصبح مارتن لوثر كينج أصغر فرد وأول قسيس يحصل على ميدالية سينجارن وتُمنح سنوياً لأصحاب المساهمات الفعالة بمواجهة العنصرية وكان في السابعة والعشرين من عمره وأمام نصب لينكولن التذكاري، وجه كينج خطابه فهاجم الحزبين الجمهوري والديمقراطي وردد صيحته الشهيرة «أعطونا حق الإنتخاب» ونجحت مساعيه في تسجيل خمسة ملايين من الأمريكان ذو الأصول الأفريقية بسجلات الناخبين بالجنوب. وبعد تولي كيندي الرئاسة، ضاعف كينج من جهوده لإقحام الحكومة الإتحادية بملف الأزمة العنصرية إلا أن جون كيندي إستطاع تفادى هجمات كينج الذي شرع في صيف 1963 بسلسلة مظاهرات في برمنجهام مع تعبئة الشعور الإجتماعي بمظاهرة رمزية بالطريق العام، وفي اليوم التالي، وقعت أول معركة سافرة بين السود المتظاهرين ورجال الشرطة البيض الذين إقتحموا صفوف المتظاهرين بالعصي والكلاب البوليسية ثم صدر أمر قضائي بمنع الاحتجاج والمسيرات الجماعية والمقاطعة والاعتصام فقرر كينج أن يتحدى علانية وسار خلفه ألف متظاهر يصيحون «حلت الحرية ببرمنجهام»، وألقي القبض على كينج وأودع سجناً انفرادياً وحرر خطابا أصبح فيما بعد من المراجع الهامة لحركة الحقوق أوضح به فلسفته القائمة على النضال في إطار من عدم العنف.
وللأطفال دوراً بارزاً
وبعد خروجه بكفالة، برزت له فكرة تتلخص في «ماذا أنت صانع بالأطفال؟ إذ لم يكن إلا القليلون على إستعداد لتحمل المسئولية التي قد تنشأ عن مقتل طفل» وسمح لآلاف الأطفال بإحتلال المراكز الأمامية بمواجهة رجال الشرطة والمطافئ وكلاب شرطية متوحشة فإرتكبت الشرطة خطأها الفاحش وإستخدمت القوة ضد الأطفال ممن لم يزد عمرهم عن السادسة مما أثار حفيظة الملايين حول العالم ونجح كينج في خلق أزمة معلناً أن الضغط لن يخف إلا بالتفاوض فلم يسع البيض من سكان المدينة إلا عقد لجنة للتفاوض مع زعماء الأفارقة وتمت الموافقة على برنامج ينفذ على مراحل لإلغاء التفرقة وإقامة نظام عادل والإفراج عن المتظاهرين بيد أن غلاة دعاة التفرقة بادروا بالإعتداء بالقنابل على منازل قادة الأفارقة فواجه شباب الأفارقة الغاضبين رجال الشرطة والمطافئ وحطموا السيارات وأشعلوا النيران بالمتاجر حتى إضطر كنيدي لإعلان حالة الطوارئ. وعليه، سارع كينج لتهدئة المواطنين مُستنداً لكون من إشتركوا في العنف من غير الأعضاء الناشطين المنتظمين بحركة برمنجهام وقام بجولة ناجحة بعدة مدن لنشر دعوته.
إتحد كينج مع زعيم المسلمين الأفارقة مالكوم إكس وقام أفارقة أمريكا عام 1963 بثورة بمشاركة 250 ألف شخص، منهم نحو 60 ألفاً من البيض متجهة لنصب لينكولن التذكاري وكانت أكبر مظاهرة في تاريخ الحقوق المدنية وألقى كينج أروع خطبه «لدى حلم «I Have a Dream وقال فيها «لدي حلماً بأنه في يوم من الأيام أطفالي الأربعة سيعيشون في شعب لا يكون فيه الحكم على الناس بألوان جلودهم ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم». وبعد ثمانية عشر يوماً، تم إلقاء قنبلة على الكنيسة المعمدانية الزاخرة بتلاميذ يوم الأحد من الزنوج فهرع كينج لمدينة برمنجهام، وكان له الفضل في تفادي إنفجار العنف.
رجل العام أفريقي
في العام ذاته، أطلقت مجلة تايم على كينج لقب «رجل العام» فكان أول رجل من أصل أفريقي يمُنح هذا اللقب ثم حصل عام 1964 على جائزة نوبل للسلام لدعوته إلى اللاعنف فكان أصغر رجل في التاريخ يفوز بالجائزة وكان عمره وقتها 35 عاماً ولم يتوقف عن مناقشة قضايا الفقر التي يعاني منها السود ودعا لإعادة توزيع الدخول بعدل إذ إنتشرت البطالة بين الأفارقة فضلاً عن الهزيمة السنوية التي يلقاها الأفارقة على أيدي محصلي الضرائب والهزيمة الشهرية على أيدي شركة التمويل والهزيمة الأسبوعية على أيدي الجزار والخباز ثم الهزائم اليومية التي تتمثل في الحوائط المنهارة والأدوات الصحية الفاسدة والجرذان والحشرات.
وفي 4 أبريل عام 1968، إغتيل كينج ببندقية أحد المتعصبين البيض ويدعى جيمس إرل راي وكان قبل وفاته يتأهب لقيادة مسيرة في ممفيس لتأييد إضراب جامعي النفايات الذي كاد يتفجر في مائة مدينة أمريكية. وقد حكم على القاتل بالسجن 99 عاماً فيما أشارت التحقيقات لإحتمال كون الحادث مدبراً.