إنها الراهبة الممرضة العاملة في كالكتا بالهند والحائزة على نوبل للسلام عام 1979م. إسمها الأصلي آغنيس غونكزا بوجاكسيو وولدت في 26 أغسطس عام 1910م بقرية سوكجية لعائلة ألبانية الأصل، شديدة التدين هاجرت إلي يوغسلافيا وعملت بالفلاحة. الأم تيريزا التي نعرفها جميعاً فمن تكون؟

وبدأت الرحلة
بدأت الأم تريزا عام 1948م في الإهتمام بالأطفال المهملين وخلعت زي الرهبنة وإتشحت بالساري الهندي القُطني بلونه الأبيض والخط الأزرق على كميه والذي عُرفت به إثر توجهها لدير للرهبنة الأمريكية للرعاية والتمريض معتمدة علي نفسها قبل أن تبدأ بتلقي المعونات وتؤسس جمعيتها لراهبات المحبة عام 1950م للإهتمام بالأطفال المشردين والعجزة. ثم كان عام 1957م والإهتمام بالمجذومين ومع إتساع عملها أسست جمعية أخوة المحبة عام 1963م للرهبان. وفي الخامسة والسبعين، توجهت للحبشة لمساعدة المنكوبين وإغاثتهم من الجوع والتشرد ولم تخلو أعمالها من الإنتقادات لكون فريقها لا دراية كاملة له بعلوم الطب وأساليب بل كانت في الأغلب إجتهادات كإستخدام الحقن عدة مرات وبدون تعقيم كما تم التشكيك بعدد من قامت برعايتهم وكان ردها دوماً ينُم عن قناعاتها الداخلية حين تقول إن النجاح في علاج الحالات ليس المقياس الأوحد للوصول للأهداف بل الصدق والأمانة والإخلاص هي المقاييس الحقيقية للتفاني والإيمان المطلق بالمباديء والعمل علي تحقيقها وكان يُعرف عنها رفضها لقصر الإيمان علي المساعدات فلم تهتم بالمال بل عرف عنها رفضها للتبرعات وإصرارها علي المشاركة الشخصية.

لها أقوال شهيرة منها «إذا شعر أحدُنا أنّه مدعوٌ للتجديد بالمجتمع، فهذا أمرٌ يعنيه ويعني علاقته الخاصة بالله. فمفروضٌ علينا أن نخدم الله حيث يدعونا. أمّا أنا، فأشعر أني مدعوة لخدمة كل إنسان ولمحبته بطريقةٍ خاصةٍ به حسب حاجاته. لا أفكّر قطعاً أن تكون محبتي شاملةً للجميع كأنّها دون تحديد، بل تهدف لمحبة كل إنسان بمفرده. فإذا فكرتُ بالناس جميعاً كجماعات وحسب، فهذا ليس حباً كما يريده المسيح. إنّ الفرد هو المعني بالحب الحقيقي. وإنني أؤمن بالحب وجهاً لوجه» ومنها «لكل مرضٍ هناك عدد كبير من الأدوية والعلاجات، ولكن إذا لم يكن هناك يد ناعمة وحاضرة للخدمة، وقلب كريم حاضر للحب، فأنا أعتقد أنّه بالإمكان شفاء ما يسمّى بنقص الحب. إنّ الأشياء التي تؤمّن لنا دخول السماء هي أعمال المحبة والكرم التي يجب أن يمتلئ وجودنا بها. هل نعرف كم تقدم بسمة محبة لمريض؟ هكذا نعلن من خلال بسمتنا كم أنّ الله سامحنا إذا أحببنا مرضانا وساعدنا الفقراء. إنّه بذلك يغفر لنا جميع خطايانا» وكذلك «هناك ألوف من الناس ترغب في أن تكون مثلنا، ولكن الله اختارنا نحن لنكون حيث نحن لنسهم بفرح الآخرين ونحن نحبّهم. إنّ الله يريد أن يحبَّ بعضنا بعضاً، وأن يقدّم كل واحد منا ذاته للآخر حتى ولو كان ذلك صعباً للغاية. ما مهم كم نعطي للآخرين، المهم أن نعطي الحب. وحيثما يكون الحب، يكون الله هناك. وحيثما يكون الله، يكون الحب كذلك هناك. فالعالم عطشان إلى الحب، لذلك علينا أن نحمل إليه هذا الحب الذي هو الله».

           
طريق فريد للرهبنة
تكشف العبارات والمعاني الداخلية التي وردت بيوميات الأم تيريزا جانباً آخر من شخصيتها القلقة الشكاكة كقولها المتكرر «لا يوجد بداخلي سوي الصقيع» وتعبيرها عن ذاتها «لم تعُد الأرواح تجذبني ولم تعُد السماء تُمثل شيئاً بالنسبة لي. تبدو السماء مثل مكان خال وموحش». كشفت تلك الأقوال عن أزمة إيمان حادة عانت منها طويلاً بيد أن الأمر لم يمنع الفاتيكان من إعلانها قديسة مبرراً بكون جوانب الروح المظلمة شأن معروف لدي القديسين. وفي كالكوتا، حولت الأم تريزا جزء من معبد كالي «إلهة الموت والدمار لدي الهندوس» لمنزل لرعاية المصابين بأمراض غير قابلة للشفاء للموت بكرامة وتوالت المؤسسات، فأقامت «القلب النقي» للمرضى المزمنين و«مدينة السلام» للمنبوذين من مصابي الأمراض المعدية ثم أول مأوى للأيتام. وبإزدياد المنتسبات لرهبنة الإرسالية الخيرية، أنشئت مئات البيوت بالهند لرعاية الفقراء وتخفيف آلامهم وإشعارهم بالحب والإحترام. إختارت الأم تريزا لرهبنتها ثوباً بسيطاً هو ساري أبيض اللون ذي إطار أزرق مع شارة الصليب على الكتف الأيسر ليتعرف المحتاجين علي الراهبات. وكانت مهمة الرهبنة كما حددتها عند تلقيها نوبل للسلام العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين ممن يشعرون بالحرمان من العناية والمحبة. وفى عام 1965م، منحها البابا بولس السادس الإذن بالعمل حول العالم وليس الهند فقط فإزداد عدد المنتسبات إليها وشملت فروعها أغلب دول العالم الفقيرة فعملت بإثيوبيا وجنوب أفريقيا وألبانيا ومن أشهر أعمالها قيامها إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982م بإيقاف إطلاق النار لفترة زمنية مكنت رجال الدفاع المدني من إنقاذ 37 طفلاً مريضاً كانوا محاصرين بإحدى المستشفيات.

                     

معاناة لم تنتهي
تدهورت صحتها منذ عام 1985م بسبب العمر والأوضاع الصحية للمرضى الذين عملت معهم ورحلاتها حول العالم لجمع المساعدات دون عناية بصحتها فأصيبت بذبحة قلبية عام 1985م في روما وأخرى عام 1989م كادت تودي بحياتها مما إضطرها لإجراء عملية جراحية لزرع منظم للنبض، وفي عام 1991م، أصيبت في المكسيك بمرض بالرئة أثر علي كفاءة القلب وعانت من الملاريا وإلتهاب الصدر وخضعت لجراحة بالقلب عام 1996م وتوفيت في كالكوتا في 5 سبتمبر 1997م.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام