نجح في استغلال شكله الخواجاتي وإجادته للغات عديدة بكثير من الأعمال الفنية فقد جعلت منه ثقافته وعشقه للتمثيل مشخصاتي درجة أولى فأبدع في تجسيد عدة شخصيات منها الحرامي وتاجر المخدرات والموظف والسفير والعمدة والعاشق، في مثل هذا اليوم رحل جميل راتب تاركً إرثًا فنيًا يزيد عن 150 عمل فني من الأدوار الخالدة في السينما والدراما والمسرح.

من الدبلوماسية للتمثيل    
ولد جميل أبوبكر راتب في 28 نوفمبر 1926 بالقاهرة لأبوين من عائلة أرستقراطية أرادت له العمل بالسلك الدبلوماسي فأنهى التوجيهيه بمصر وكان عمره 19 عاماً ثم سافر لاستكمال دراسته الجامعية في فرنسا بمنحة دراسية في مدرسة السلك السياسي ولكنه لم يلتحق بالمدرسة وقرر دراسة التمثيل سراً مما أدي لتوقف المنحة وكانت تبلغ 300 جنيهاً وعندما علمت أسرته قاطعته وليستمر في دراسة التمثيل عمل بمهن كثيرة منها شيال في سوق الخضار وكومبارس ومترجم ومساعد مخرج في فيلم "زيارة السيدة العجوز" لأنطوني كوين والتي مثلها على المسرح لاحقاً بمصر مع سناء جميل وأخرجها محمد صبحي.

تارتارتارتارتا    
تزوج من ممثلة فرنسية اعتزلت وتفرغت للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ثم مديرة مسرح الشانزليزيه ولا توجد معلومة موثقة حول انفصالهما، أول أعماله شارك كانت عام 1941 مع توجو مزراحي الذي شاهده بمسرحيات الجامعة فطلبه لتمثيل مشهد واحد مع ماري منيب في "الفرسان الثلاثة" لكن عائلته أصرت على حذف المشهد الخاص به وفي بداية الأربعينات حصل على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية بمصر.

كان أول ظهور سينمائي له عام 1946 في فيلم "أنا الشرق" بطولة الفرنسية كلود جودار وجورج أبيض وحسين رياض ثم عاد لفرنسا وشاهده الكاتب الفرنسي أندريه جيد في «أوديب ملكًا» فنصحه بدراسة المسرح وهو ما قام به بالفعل. وفي عام 1951، عاد لمصر مع فرقة الكوميدي فرانسيز وكان عضواً بها وشاركها مسرحية "الوريث" عام 1952 حتي استقر بمصر في منتصف السبعينات وكان فيلم الصعود إلى الهاوية عام 1978 نقطة التحول الرئيسية بمشواره الفني فقد أدى دور أدمون وتسلم جائزة الدولة من الرئيس أنور السادات كأحسن دور ثاني كما خاض تجربة الإخراج المسرحي بعدة مسرحيات منها الأستاذ وزيارة السيدة العجوز وشهرزاد.

شارك بدور صغير عام 1962 في الفيلم الأمريكي Lawrence of Arabia وأهلته طبقات صوته المميزة للمشاركة في الأداء الصوتي لعدة أعمال فنية ومنها النسخة المدبلجة للعربية من فيلم عمر المختار حيث لعب صوت توميلي الضابط الإيطالي. وعام 1975 رشحه صلاح أبو سيف لفيلم الكداب. شارك بكثير من الأعمال الناجحة منها قاهر الزمن والبداية ولا عزاء للسيدات وكش ملك وطيور الظلام والكيف وهو أحد أبرز الأعمال الفنية في تاريخ السينما المصرية وقدم شخصية عكس كل ما قدمه كما شارك بعدد من الاعمال الدرامية أبرزها رحلة المليون والزوجة أول من يعلم وأحلام الفتى الطائر والراية البيضاء ويوميات ونيس وشمس وحارة اليهود وكان آخر ظهور له في مسلسل بالحجم العائلي مع يحيى الفخراني وميرفت أمين في رمضان 2018.

تم تكريمه في مهرجان القاهرة السينمائي عام 2005 كما كرمته نقابة المهن التمثيلية عام 2015 وفي عام 2016 حصل على تكريم من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي في دورته الـ 33 وفي عام 2017 كُرِّم في مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية فى دورته السابعة وكان آخر تكريم له من منظمة الأمم المتحدة للفنون خلال احتفالها بعيد الأب. توفي يوم 19 سبتمبر 2018 عن عمر يناهز 92 عاماً بعد أن فقد صوته بسبب الشيخوخة.