قبل أن تزحف السيارات لشوارع القاهرة، كان صوت الكلاكسات مختلفاً في بداية القرن العشرين وكان نهيق الحمير هو الأبرز للملوك والبسطاء وكان الحمار هو وسيلة التنقل الرئيسية والأكثر شهرة وكان للحمار رخصة كالسيارات ولها قصة طريفة قد يجهلها الكثيرون برغم كون الحمار حي يرزق بيننا.
كان ذلك في الوقت الذي شهدت فيه مصر مجاعة في عهد الخديوي إسماعيل الذي أقر جمع ضرائب من المواطنين بأي شكل حتى على ركوب الحمير بهدف سداد فوائد القروض التي إقترضها الخديوي من الأجانب وبلغت 91 مليون جنيه وأدت لعزله عام 1879 ووقوع مصر في براثن الإحتلال الإنجليزى عام 1882 لذا يشهد التاريخ أنه كان للحمار دورا ًولو بسيط في تسديد ديون مصر.
كان النظام في الماضي نمط حياة يحترمه الكبير والصغير فنصت الدساتير عام 1871 على وجوب إصدار رخص لأصحاب الدواب فكانت هناك رخص تُمنح لأصحاب الحمير ليسيروا بها في شوارع مصر بدون مخالفات كما كانت الحمير تسير بشكل منظم ولها طرق محددة. وعليه، إكتسب الحمار موقعاً مميزاً كوسيلة نقل نظامية وإعتبره المصريين حيواناً شديد الذكاء كما إستغله الملوك وكبار رجال الدولة فى التنقل وعندما بحثنا فى قصص الملوك وجدنا صورة للملك فؤاد يتفقد محافظة أسوان راكباً حمار وحوله كبار رجال الدولة وكل منهم يستقل حمار.
وحتي وظيفة العربجي أو قائد الحمار كانت تتطلب تصريح لممارسة المهنة ويُكتب عليها إسم صاحب الحمار ولون الحمار فيما حددت السلطات المختصة بالتنقل آنذاك إصدار الرخصة بقيمة 60 قرشاً منعاً للعشوائية بالشوارع وتسهيلاً لعمل الدواب في المحروسة. أما الميادين الأشهر بالعربجية فكانت باب الحديد أو محطة مصر لكثرة السفر بين ربوع الوادي مع دخول وسائل الجر لحياة المصريين.
ورخصة الحمار الوحيدة متواجدة الآن بمتحف السكة الحديد وهي ملك الخواجة ننخلة بدير الذي أهداها أحفاده للمتحف لإثراء التراث المصري العتيق ليظل هذا التذكار شاهداً على تاريخ العمل الشاق لتلك الدابة التي طالما حملت أسفار المصريين ومشاق رحلاتهم على مر التاريخ.