"ها مين هناك " عرف بتلك الجملة التى كان يطلقها بصوته الغليظ وصفارته التي لم تفارقه مرتدياً ملابسه البيضاء ومتجولاً في الشوارع والطرقات مساء كل ليلة وحتي شروق الشمس ليحفظ الأمن ويحمى ممتلكات المواطنين ويمنع الإجرام بكل صوره، إنه عسكري الدرك الذي جسده إسماعيل ياسين تلك الشخصية الأسطورية التي نعرفها جميعاً وإن لم تكن علي دراية به إقرأ هذا المقال.

كان عندما يظهر في أى مكان ويطلق صفارته، تتفرق أية إعتداءات ويهرب من فيها بعيداً قبل أن يقبض عليهم فكان وجوده مخيفاً وكانت صفارته وسيلة لتنبيه الناس وقت الخطر كما كان يتمتع بمواصفات خاصة تؤهله لأداء عمله علي أكمل وجه فكان شديد الذكاء، قوي البنيان والأهم سريع البديهة وحسن التصرف ليتصدى للعناصر الإجرامية ويمنع وقوع الجرائم بكل أنواعها.

بدأ ظهور عسكرى الدرك في القرن التاسع عشر وكان هذا اللقب يطلق على رجال الشرطة وقتها وظل متواجداً بمصر لفترة طويلة منذ عهد الخلافة العثمانية وكان يعمل ضمن هيئة عسكرية عرفت حينها بقوات الدرك وهي جزء من القوى الشرطية المنتشرة بمصر آنذاك وكانت المهمة الرئيسية لأفرادها هى ملاحقة المجرمين واللصوص وحفظ الأمن والاستقرار فكلمة الدرك تعنى استدراك الشئ أو ملاحقته.

لم تمنح القوانين المنظمة لعمل عسكرى الدرك الحق فى الترقية بل إقتصر دوره على وظيفة محددة وحتى إنتهاء خدمته بعكس الهيئات العسكرية الأخري لكن لم تقتصر مهامه على حفظ الأمن بل كانت له أدوار إنسانية كمساعدة المستغيثين والعجزة وغير القادرين على الحركة والتأكد من إغلاق أبواب وشبابيك المنازل والدكاكين بدائرة دركه وتأمين البيوت الغائب سكانها.

هذا وقد ألزم القانون بالمادة 46 عسكري الدرك بعدم إزعاج الجمهور والتحلي بالزرانة والصبر في معاملاتهم والإبلاغ الفوري لعسكري البوليس بالدورية الأقرب بكل ما قد يمس الأمن العام. وعند حدوث حريق، كان عليه إطلاق ثلاث صفارات لتنبيه الجمهور للنار كما كان عليه المبادرة بمساعدة أي شخص يستغيث ثم التحقق من سبب الإستغاثة وطلب حضور البوليس بصفارتين.

وعند وجود شخص غير قادر على الحركة بسبب جروح أو بتأثير السكر، كان علي عسكري الدرك البقاء بجواره وطلب عسكري البوليس الأقرب إليه لتقديم المساعدة بصفارتين كما كان عليه ضبط السكارى الذين يحدثون قلقاً ويسببون إضطراباً بين الأهالي.

وبقيام ثورة 1952، كانت نهاية خدمته الأبدية بقرار مجلس قيادة الثورة لتطوى تلك الصفحة ويصبح عسكرى الدرك مجرد ذكري خالدة بالأعمال الدرامية فى مشاهد ظلت خالدة بالأذهان كفيلم إسماعيل ياسين فى البوليس والذي قدم فيه دور العسكرى زكى الذى يتجول بشوارع منطقة الأزبكية ليلاً مطلقاً صيحته "ها مين هناك" للتأكيد على وجوده ومنع حوادث السرقة ثم مشاركته فى فى ضبط إحدى العصابات الإجرامية الكبرى.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام