إشتهرت مصر القديمة بمهن مميزة إنحسرت تدريجياً، تغير الحال وإختلف البشر فتطور الزمن وأفقد التطور كثير من المهن التقليدية قيمتها ومنها السقا والإسكافى والبلانة والمعددة من المهن التى أمست تراثاً ننقله كالأساطير لأجيال قد لا تدرك من الأساس وجوده ولا تعبأ به.
مهن الرجال تبدلت
كان لمبيض النحاس مكانة كبيرة فكان هناك يوماً محدداً أسبوعياً في الأغلب يوم الجمعة يعرفه أهالي القرى والأحياء الشعبية فيتجمع الناس على شاطيء الترعة حاملين الأواني النحاسية وبإنتظارهم المبيض ليضع الرماد الأحمر الناتج عن تصنيع الطوب الأحمر والماء بالأواني ثم طبقة خيش ويقف داخلها ويدعكها بقدميه حتى تقع الطبقة الخضراء ويعود البريق للأواني. وبمرور الزمن، إستبدل النحاس بمواد أخري فإختفي المبيض وربما يكون السبب هو إكتشاف أن الأواني النحاسية عندما تتعرض للرطوبة تتكون بها مادة سامة تتفاعل مع الأطعمة فتم استبدالها بأواني الألومنيوم وغيرها من الأنواع برغم وجود من لا زال يستخدمها.
أما حلاق الصحة، فمهنة انتشرت بأواخر القرن التاسع عشر بالقرى والمناطق الشعبية كبديل للطبيب فكان يعالج الأسنان والحساسية والبرد ويقوم بختان البنين وحلاقة الشعروعلاج الصلع ويكتب الوصفات ويعالج الأمراض. سن السكاكين مهنة راجت وكان لها زبائنها من ستات البيوت والمطاعم والجزارين فكان السنان يخرج حاملاً على كتفيه أسطوانة دائرية موضوعة على حاملين خشب وبها قرص حجري يحركه بالقدم لسن السكاكين ولكل سكين طريقة في السن بحسب استخدامها. وخلال أربعينات القرن الماضي، كانت البيوت المصرية لا تخلو من الباجور وكان هناك ورش تعمل في تصليح البواجير مقابل جنيهات معدودة ولكنها انعدمت الآن.
بعد إنشاء محطات ضخ المياه بالقاهرة عام 1965، إختفي السقا وكان مسؤولاً عن تزويد الجميع بالمياه ويتم تعيينه وفقاً لقواعد صحية وكان يجلب المياه من نهر النيل في قربة من جلد الماعز على ظهره أو ينقلها على حصان أو حمار ويوزيها على البيوت والمساجد والمدارس والأسبلة فقد كان الماء حكراً علي قصور الأمراء والنبلاء. ولا ننسي الإسكافي الذى يصنع الأحذية ويصلحها وقد تبدل إسمه وأصبح جزمجى لتغيير إسم الحذاء من صرمة لجزمة بالعامية. وأخيراً، الدقاق وكان يدق الحبوب لإستخراجها كما يوجد نموذج الرحايا وهي عبارة عن صخرتين متلاصقتين لطحن الحبوب وتجلس أمامها سيدة تحركها بكلتا يديها وفلاحات أخريات يقمن بإطعام الطيور وغسل ملابسهن ثم ينتقلن لإعداد الخبز للحصول علي قوت يومهم وتحضير أكلاتهم البسيطة كالمش والطماطم والفول والجبن القريش.
مهن نسائية إختفت
أقدمها المرضعة وكانت ترضع الأطفال للعاجزات عن الرضاعة وكان الملوك يأتون بها لإرضاع أطفالهن كيلا يتغير شكل صدور الملكات والغسالة كانت سيدة فقيرة تغسل الملابس في البيوت مقابل أجر زهيد وبدخول الغسالة الكهربائية إختفت المهنة. أما المعددة، فهي سيدة تواظب على حضور المآتم فترثي الموتى وتشاركها الحاضرات بالنحيب وكان أهل المتوفي يستأجرونها ليكون صوتها هو الأوحد لتذكرة الناس بمحاسن الفقيد ويقتصر تواجدها الآن على الأحياء الشعبية والريفية. أما العرافة، فاشتهرت بملابسها البدوية الفضفاضة وكانت تجوب الشوارع لقراءة الكف مقابل أجر بسيط. تطور شكل العرافة وأصبحن تذهب للبيوت لقراءة الفنجان وفتح الكوتشينة وهي مهنة قديمة تراجعت وحل محلها علم الأبراج.
أما الخاطبة فكانت تحتفظ بصور للفتيات فإن قصدها شاب طالباً الزواج قدمت له من تراها مناسبة وإذا تم المراد تتلقي أجرها وكانت تزوج المطلقات والأرامل بمقابل مادي أيضاً. وأخيراً، الدلالة وكانت تأتي بالقماش والسلع البسيطة من تجار الجملة وتبيعه بالبيوت بفارق بسيط وكانت مهنة رائجة وكانت الدلالة خاطبة في نفس الوقت فبحكم دخولها البيوت كانت تروج للفتيات التي لم تتزوج بعد في زمن ساده الإنغلاق.