هل سألت نفسك لماذا يقود البعض السيارات من اليمين وتكون عجلة القيادة جهة اليسار كما الحال بالدول العربية فيما تأتي القيادة على اليسار وتكون عجلة القيادة جهة اليمين كبريطانيا؟ وعندما سألت نفسك هذا السؤال، هل وجدت إجابة مرضية؟
للقيادة تفسيرات عديدة
لا يوجد تفسير منطقي لتلك الظاهرة فالأصل في القيادة هو اليسار فقبل إختراع السيارة كان الناس يسيرون يسار الطريق بالمجتماعات الإقطاعية التي ترتفع بها الجريمة ولأنهم يستخدمون يدهم اليمنى كانوا يسيرون يساراً لحمل االسيف باليد اليمني ويكون الخصم قادماً من الجهة المقابلة فتكون المنازلة أسرع وربما كان علي الفارس ركوب الخيل من جهة وسيفه من الجهة الأخري وهي اليسرى.
والترجل يكون أيضاً من اليسار ليكون الحصان حاجزاً بين الفارس والطريق فأحياناً يريد الفارس النزول أثناء سير الحصان ونزوله على الجانب الأيمن خطر. مع نهاية القرن الثامن عشر، إعتاد قائدو عربات الشحن الزراعية بفرنسا والولايات المتحدة قيادة عربات تجرها الخيول ولم يكن هناك مقعد للسائق بل كان يعتلي حصاناً يسار العربة ليستخدم يده اليمنى في ضرب الخيول لزيادة سرعتها. ولما كانت العادة قد جرت علي أن يركب الجميع جهة اليسار، أصبح حتمياً الإلتزام باليمين لرؤية العربات المقبلة كيلا تحجبها الخيول.
الثورة الفرنسية سبب التحول
كانت الثورة الفرنسية أهم أسباب القيادة يميناً فكان الإقطاعيون يسيرون يسار الطريق ويجبرون الطبقة الكادحة بالسير يميناً وكانت إحدي وسائل التمييز الطبقي فأجبرتهم الثورة على السير معهم مما أدي لإختفاء السير يساراً. وبعد خمس سنوات، صدر قانون المرور الفرنسي الذي نظم قواعد السير واعتمد الجهة اليمنى رسمياً وانتشر بدول أوروبية كهولندا وبلجيكا وألمانيا وبولندا وسويسرا وأجزاء من إسبانيا والبرتغال إثر غزوات بونابرت فيفرض القانون الفرنسي أينما يحل. بريطانيا هي الوحيدة التي قاومت بونابرت وتمسكت بالجهة اليسري فكان رفض الإنجليز لكل ما يحمل طابعاً فرنسياً.
بأمر بريطانيا أمريكا من اليمين
إثر فتوحات بونابرت، أمست القيادة يميناً سمة عالمية وللحساسية التاريخية بين الإنجليز والفرنسيين أصدرت بريطانيا قانوناً عام 1835 يلزم بالقيادة يساراً وطبقته بمستعمراتها. وبرغم عدم كون اليابان مستعمرة بريطانية، فالقيادة فيها جهة اليسار والسبب يعود للقرن التاسع عشر حين كانت اليابان بحاجة لبناء شبكة سكة حديد، ولإفتقادهم الخبرة، إستعانوا بالإنجليز ممن طبقوا قواعدهم جاعلين الشبكة يساراً ليأتي القطار من اليمين واستمر الوضع 50 سنة قبل صدور قانون رسمي بالقيادة يسار اًعام 1924. وعندما بلغ الهولنديون إندونيسيا لإستعمارها عام 1596، فرضوا قانونهم للقيادة يساراً وكان ذلك قبل إستعمار بونابرت لهولندا وإجبار شعبها علي القيادة جهة اليمين. ومن يومها، بقيت إندونيسيا على تلك الحالة بينما بدل الهولنديون اتجاه السير من اليسار لليمين.
وخلال إستعمارهم للولايات المتحدة، فرض الإنجليزعاداتهم في القيادة يساراً ثم تحولت لليمين بعد تحرر الأمريكان من كل ما فرضه الإنجليز كما كان للمهاجرين من دول أوروبا أثر بتغيير نظام القيادة لليسار وصدور قوانين رسمية في بنسلفينيا عام 1793 ونيويورك عام 1804 ونيوجرسي عام 1813 تقضي بالقيادة جهة اليمين، وكانت بعض المقاطعات الكندية تعتمد النظام الإنجليزي حتى بعد الحرب العالمية الثانية حين أصدرت الحكومة الفيدرالية نظاماً بتوحيد القيادة يميناً ليصبح أسلوب القيادة موحداً. وبمستهل القرن العشرين، أصبحت أغلب الدول الأوروبية تلزم بالقيادة على الجهة اليمنى.
في باكستان الجمل هو السبب
مع إمتداد النفوذ الأمريكي لآسيا، كانت القيادة إجباراً على اليمين ولما كانت السيارات الأمريكية مصممة بعجلة قيادة يسار، أجبرت الصين وكوريا على السير علي المنوال ذاته. كانت باكستان تعتمد أيضاً النظام الانجليزي بالقيادة على اليسار لكن خلال ستينيات القرن العشرين، غيرت نظامها ثم تراجعت لسبب لأن قوافل الجمال كانت تسير ليلاً بالطرق للإستفادة من نوم سائقي السيارات وتغيير النظام يعني معاكسة الجمال التي يصعب تعليمها النظام الجديد وبالتالي استمرت باكستان بالقيادة يساراً.
في ستينيات القرن الماضي، واجهت بريطانيا قلائل داخلية لكونها منعزلة بنظام قيادة خاص لكن الأصوات المحافظة رفضت التغيير واليوم، توجد فقط أربع دول أوروبية تعتمد القيادة على اليسار وهي بريطانيا وأيرلندا وقبرص ومالطا. أما علي مستوي العالم بأسره، فلم يتبق سوي الهند وإندونيسيا وباكستان وبنجلاديش وتايلاند وتنزانيا واستراليا وماليزيا ونيوزيلاندا.