بقلب منطقة الأزهر والحسين، تقبع كثير من المنازل الأثرية والبيوت التاريخية بناها أصحابها لأسباب عديدة ولم يكن ببالهم وقتها أنها ستصبح في يوماً ما وبعد توالي عقود عديدة أثراً خالداً لأجيال لم تشهد الميلاد ولكنها عاصرت الأسطورة ومنهم بيت الست وسيلة وعنه كان هذا المقال.
من هي الست وسيلة؟
يقع بيت الست وسيلة بقلب حى الأزهر على مقربة من جامع الأزهر ضمن مربع أثرى عتيق فيجاوره منزل الهراوى ويقابله يساراً منزل زينب خاتون ومدرسة العينى ووكالة السلطان قايتباى. أنشئ المنزل عام 1664م ونُسب للست وسيلة خاتون بنت عبدالله البيضا وإبنة عبدالله البيضا كنية تطلق على المعتوقات من الجوارى وهى معتوقة المرحومة عديلة هانم بنت إبراهيم بك الكبير التى كانت آخر من سكنه وقد توفيت الست وسيلة في 4 مايو عام 1835م ولم يسجل عنها التاريخ شيئاً لكنها كانت سيدة ذات نفوذ كبير.
فنون المعمارة الإسلامية
أنشأ المنزل الحاج عبدالحق وشقيقه لطفى ولدا محمد الكنانى علي غرار البيوت الإسلامية القديمة التى تحفظ الخصوصية فمدخله «الباشور» أو المدخل المنكسر يحفظ خصوصية أهل البيت في وجود الضيوف ثم يفتح على الصحن أو الحوش وبه الحواصل أو الحجرات وهي مرافق المنزل وإستخدمت كمخازن للحبوب وإسطبل خيل وطاحونة وحجرة للخدم ومندرة ويمين الباب توجد بئر المياه.
يضم الطابق الأرضى القاعة الرئيسية وتتكون من إيوانين مستويين مرتفعين عن الأرض بينهما نافورة بعمق 90سم وتتيح الإيوانات لأكبر عدد من الحضور مشاهدة بعضهم خلال الجلسة كما أن الإرتفاعات والإنخفاضات بالقاعة تساعد على تحريك الهواء بداخلها، أما سقف القاعة فيضم شخشيخة أو فانوس خشبى مفرغ لإنارة المكان وتُطل على القاعة الرئيسية المشربيات أو المغانى وهى المكان المخصص للنساء وفناء المنزل مكشوف يتوسطه مقعد من براطيم خشبية وهي أخشاب غليظة يدعم بها البيت تحصر فيما بينها مستطيلات غائرة تزينها زخارف نباتية وهندسية وعليها كتابات نسخية وفي البيت قبتين مثمنتين الأضلاع يعلوها غطاء هرمي للإضاء.
وبصحن البيت يساراً سلم خشبى يؤدى للدور الأول ويضم المقعد الصيفى وبسقفه النقوش العثمانية والنص التأسيسى للمنزل وحائط به دواخل كانت تستخدم كدولاب للملابس وأدوات الوضوء، وأعلى الأرفف توجد رسومات للمحراب للدلالة على اتجاه القبلة، ويميناً توجد قاعة النوم وتضم رسومات للحرمين المكى والنبوى ولوحة كبيرة لمدينة ساحلية ترمز لتركيا، أما الدور الثانى فبه قاعة وحماماً يضم المغطس والموقد حيث تشعل النيران لتسخين المياه وبجانبه غرفة خلع الملابس، وأخيراً السطح ولا يمثل أهمية لأهل البيت.
وأصبح بيت الشعر
تم ترميم البيت ككثير من آثار القاهرة فتمت إزالة الأتربة والمناطق المتهدمة والمخلفات ثم إحياء واجهة البيت الحجرية بالجنوب الشرقي وتشمل ثلاث فتحات تشبه المغازل، تليها فتحة باب مستطيلة يغلق عليها مصراع خشبي تمثل المدخل الحالي للمنزل وقد رمم المنزل بالكامل مع إضافات جديدة حافظت علي هيئته وظل غير مستخدماً حتي تم إختياره كبيتاً للشعر.