تحتضن الجغرافيا بتفاصيلها الصلبة فى قلبها الصخرى حكايات الحياة والموت والحزن والألم والسعادة في لحظات تسجل تاريخاً فى قلب الصخر، إنه كهف روميل القابع في سكون بداخل قبو فى الجبل الشمالى الشرقى لمدينة مرسى مطروح بحوالى 5 كيلومترات.

تعود جذور الكهف للعصور الرومانية القديمة حين كانت مصر سلة غلال العالم بالإمبراطورية الرومانية التى كانت تستعمر نصف الأرض فكانت مطروح تطعم مستعمرات الرومان من الحبوب الموجودة بمصر وكهف روميل هو جزء من ميناء رومانى كان يستخدم عام 323 قبل الميلاد وهو الجزء المخزنى الذى استخدم فيه الكهف كشونة لتخزين الغلال ومنها القمح قبل توزيعه وأصبح بعدها نقطة لمراقبة السفن على البحر المتوسط، وشهد تصدير الرومان لقمح مصر وغلالها لإرسالها للولايات التى كانت تقع تحت حكمهم.

وكهف روميل هو أحد الكهوف الطبيعية على شكل قوس يشبه حدوة الحصان ويقع تحت سطح البحر بحوالى 13مترا تقريبا وله مدخل ومخرج عند طرفيه عند المنحدر المطل على الشاطئ، واختاره الجنرال الألمانى روميل ليكون مقراً له أثتاء الحرب العالمية الثانية.

ولد أرفين روميل فى 15 نوفمبر 1891 فى بلدة هايدنهايم قرب شتوتجارت الألمانية وكان يلقب بثعلب الصحراء فقد كان أحد أمهر القادة العسكريين بحروب الصحراء وحصل على رتبة مشير أثناء الحرب العالمية الثانية بشمال إفريقيا كما خاض معركة العلمين عام 1942 وانسحب بقواته بأقل الخسائر أمام الجيش الثامن لقوات الحلفاء بقيادة الجنرال مونتجومري وانتحر فى 14 أكتوبر عام 1944.

وفى عام 1988، جاءت فكرة تحويل الكهف لمزار سياحى وأثرى حين زار ابن روميل وكان وقتها عمدة لمدينة شتوتجارت محافظة مطروح ومعه بعض مقتنيات والده الهامة لإهدائها لمصر.

يضم المتحف خرائط الحرب وبها ملاحظات روميل بخط يده ونياشينه وقلاداته التى منحها له الزعيم هتلر والبوصلة الخاصة به مع مجموعة نادرة من الخرائط الخاصة بمعارك الحرب العالمية الثانية كطبرق والسلوم والغزالة كما يضم المتحف مجلدات لأرشيف الجنود وسجلاتهم الطبية ودفاتر حركة الجنود التى تم تجليدها لحفظها بشكل جيد، ويعرض المتحف عدداً من خوذات الجنود المشاركين بحروب الجيش الألمانى ممن خاضوا مع روميل حروبه ضد الإنجليز فى صحراء ليبيا ومنها حروب السلوم وسيدى برانى والعلمين الأولى والثانية .

تم وضع الخوذات وكأنها وجدت بين الصخور الجبلية التى يضمها الكهف فى تناغم تاريخى وجغرافى يقرب حالة الحرب التى استخدم فيها الجنود الألمان تلك الخوذات فى حربهم بصحراء مصر وليبيا وقد تركت الخوذات فى قبو زجاجى بين أحضان الصخور الجبلية كأنها منحوتة مع صخر القبو وتم عمل فاترينة عرض زجاجية عليهم مع تركيب نظم المراقبة بشكل يتماشى مع طبيعة القبو التاريخية.

ويضم المتحف قطعتين من الأسلحة الشخصية لروميل وهما طبنجتين كانت مديرية أمن مطروح تحتفظ بهما فى مكان لأمين وفور علمها بالتجديدات قامت المديرية بتسليمها لضمهما لمتحف روميل.

ولترميم الكهف، تم توزيع الإضاءات الخفيفة لحماية المقتنيات والتعامل مع الكهف كجزء أصيل من مكونات المتحف وتم استخدام الإضاءات مع منحوتات الكهف كمكون سينوغرافى حديث يمتع زوار المتحف وكأنه جزء من حكاية تبدأ بمدخل الكهف وتمر على الفاترينات الأربع التى تضم مقتنيات روميل وتنتهى بفتحة قبو الكهف في تجربة العودة لزمن الحرب العالمية الثانية والتعرف على التاريخ العسكري لمصر.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام