يظل فندق جراند نايل تاور أحد الأسماء العريقة في الفخامة والضيافة وقد رأيت هذا بنفسي يوم زرت مطعم القرية النوبية بالفندق. ذكرتني واجهة المطعم بأسوان والنوبة حيث الألوان الدافئة واللمسات الحرفية بالأثاث والرسومات المريح للعين، كل ذلك في صورة ساحرة تطل علي النيل من خلال النوافذ مترامية الأطراف فالتصميم يسوده الروح النوبية في بساطة وأناقة والنيل يضفي طاقة وحيوية لكأنني بقلب التراث الأسواني.

                 
كانت طاولتي علي مقربة من إحدى النوافذ الضخمة ولها منظر جميل وأشعة الشمس الدافئة وضعتني بمزاج رائع لتجربة كل شيء يعرضه المطعم. علي المدخل، هناك سيدة تجلس بفرن مصنوع من الطين وظيفتها خبز العيش الطازج فبمجرد استنشاق رائحة الخبز الساخن تسود حالة من الإنسجام، تناولنا بعض الخبز الساخن وكان مميز جداً وكان علي أن أنتظر قليل والحفاظ علي رباطة جأشي حتى يأتي وقت الطعام.

 
بدأت الخيارات بالمقبلات والسلاطة وتنوعت بين سلاطات مصرية ولبنانية من السلاطة الخضراء والتبولة والكبيبة والسمبوسة وكانت مميزة، فالسلاطة الخضراء طازجة جداً والكبيبة أكثر من رائعة وأنا أعشقها.

في البداية قررت تجربة الميكس جريل، كانت اللحمة متبلة جيداً ولها مذاق مميز وطرية وتوابلها مظبوطة، أما الفراخ فلها نكهة مميزة طازجة وطرية وقد إستمتعنا بها للغاية. حين طلبت من الشيف أن يفاجئني بأفضل ما لديه حصلت حقاً على ما طلبته ومجموعة منوعة من المأكولات المصرية المعروفة بمنازلنا كما لو أنها صنعت في بيت مصري أصيل وهو الأمر الذي نادراً ما نجده بسهولة بالمطاعم الأخري.

قررنا تجربة أشهر الأطباق الرئيسية وكانت الفتة بالموزة محمرة ولها رائحة شهية والحقيقة اللحمة كانت مستوية بشكل جيد للغاية ومذاقها رائع وطري وشهي. أما التسبيكة في الصلصة، فتشبه إلي حد كبير أكل جدتي زمان فطعم الثوم كان ظاهراً بشكل خفيف وغني في نفس الوقت والأرز مستوي زي ما قال الكتاب يفوح منه رائحة المستكة الطيبة لتشكل الفتة بالموزة طعماً فريداً مع قطع اللحم الناعم والمتناغم مع كل معلقة من الفتة. أما طاجن العكاوي والبامية باللحمة فحكاية فقد قدم لنا الشيف أفضل طاجن بامية علي الإطلاق، وبرغم أنني لست من عشاق البامية إلا أنها كانت لذيذة جداً وتحمل نكهة خاصة لم تمر علي مسبقاً بداية من البامية الطازجة والصلصة واللحم الطري في طاجن مغربي مع الثوم والكسبرة الناشفة والخضراء أيضاً ليشكلوا خليطاً ما بين إبداع التقديم وجودة المذاق فكل من مكونات الطبق ساهم في تشكيل تناغم رائع،

 
أما طاجن العكاوي بالبصل فقد كنت مترددة في البداية ولكن مع القطعة الأولي وجدتها تذوب داخل الفم شعرت بلحظات من السعادة والمتعة تمر عليكي مع كل قطمة فقد أخرج الشيف الإبداع كله به فطعم البصل توازنه  البهاريز الموجودة بالعكاوي لتكمل القوام الإجمالي للطبق.

جائت بعد ذلك تجربة الحمام بالأرز وكان مقدم بشكل جيد وبمذاق مميز فالأرز مطهو جيداً ومظبوط في بهاراته وتتبيلته وتحميره ولحم الحمام طري وشهي. وكانت حسن الختام الحلويات الشرقية وأولها أم علي وكانت رائعة والبسبوسة والنابلسية وهي طبقي المفضل فقوامها كان جيد ومقرمش وطرية من الداخل والجبنة كانت سائحة بشكل خفيف تذوب داخل الفم. وأخيراً كان لابد من براد الشاي العربي والمرطبات والعصائر الطازجة من الفواكه الموسمية.

كانت تجربة ممتعة وفريدة بكل المقاييس فالأطباق الشهية تسر العين قبل الفم والخدمة سريعة وفائقة الجودة والطابع العام للمكان شديد التميز، دئما لا أذكر اسم النادل لكنه كان يقظ جداً ولعل من أكثر الأشياء التي أعجبت بها ولفتت إنتباهي هي إحترافية العاملين بالمكان فهم يشعروك بدرجة كبيرة من الحب التي تظهر بوضوح بكافة التفاصيل الدقيقة. وعليه، إذا أردت الهروب من كل الطاقات السلبية التي تحيط بك، عليك بالتوجه لمطعم القرية النوبية بفندق جراند نايل تاور لخوض تجربة مدهشة تستحق المغامرة ولكن المشكلة الوحيدة التي ستقابلها هو ذلك الحنين الذي ستشعر به دوماً ويدفعك للذهاب مرات ومرات.

إقرأ أيضاً