الطبيعة على فطرتها، جبال ومساحات خضراء متسعة وتناغم فريد ما بين زرقة السماء وماء البحر، قلاعاً صناعية ساكنة على الرمال الثابتة، لا يخلو شبر من شواطئها من المتعة التي إمتدت للجبال بعدما ضاقت الشواطئ بمنتجعاتها الحالمة، تفتح ذراعيها لإستقبالك بالهدايا. إنها جزر الكناري، هل زرتها من قبل؟

في الكناري، شقت البراكين أسهل الطرق وصنعت ممرات هادئة ليخترقها الزائرين سيراً على الأقدام. براكين الكناري هادئة وتحترم الزوار والكناري هي مجموعة جزر إسبانية بالمحيط الأطلسي تقع شمال غرب الصحراء الغربية وهي وحدة ذات سيادة ضمن التاج الاسباني. لعبت الجزر دوراً كبيراً خلال رحلة كريستوفر كولومبس لإكتشاف أمريكا اللاتينية فإنطلقت سفنه الأربع مع معاونيه من ميناء قادش جنوب إسبانيا وتوقفت بالكناري للتموين ولهذا فأغلب سكان الجزر على علاقة بالإسبان بأميركا اللاتينية وخاصة كوبا التي تتحدث باللغة القشتالية وهي لغة العالم الناطق بالإسبانية .

تقع جزيرة كناري الكبرى على مساحة 1532 كم2 من الأرض البركانية فترتفع من العمق البحري البالغ 5 آلاف متر تحت الماء لأعلى قمة وهي بيكو دولاس نويفي أي قمة الثلوج بإرتفاع 1949م. تغيرت معالم الكناري بفضل قوى الطبيعة والبشر فنجد أنظمة بيئية وتضاريس ومنحدرات ووديان. وتنقسم جزر الكناري للجزر الشرقية وهي لاس بالماس والجزر الغربية وهي سانتا كروز دو تينيريف.

يتألف الأرخبيل من سبع جزر رئيسية وهي تينيريف وفيورتيفنتورا وكناري الكبرى ولانزاروت ولا بالما وغوميرا ووهييرو وجزر صغيرة مهجورة. تلك الجزر ذات طبيعة بركانية تحيط بها شواطئ منحدرة ذات تضاريس وعرة تضم قمم بركانية ودستيات وأعلى قمة بالأرخبيل بل في إسبانيا كلها هي قمة تيد بإرتفاع 3718م وتقع في تينيريف.


مناخها لطيف والرطوبة غير مرتفعة إلا في لانزاروت وفيورتيفنتورا وتتساقط الأمطار شتاءاً وتتأثر الشواطئ الجنوبية للكناري الكبرى وتينيرف برياح إفريقية جافة وتعيش بالمناطق الواقعة على إرتفاع أقل من 400م نباتات أفريقية كالنخيل والتين والصبار والغار. أما عاصمة الجزر المستقلة فلاس بالماس بالكناري الكبرى وسانتا كروز في تينيريف وتبلغ مساحة الجزر 7273 كم2 تنتشر بها الطيور المغردة ويعتمد إقتصادها على الزراعة والصيد والسياحة.

أهم محاصيلها الزراعية الموز والحمضيات والتين والعنب والبندورة والبصل والبطاطا وقصب السكر والحبوب ويُصدر معظم الإنتاج لإسبانيا والإتحاد الأوروبي كما تُشكل الأقمشة وصناعة المواد الغذائية أساساً صناعياً وتستفيد مرافئ لاس بالماس وسانتا كروز من دورها كمحطة للسفن أما السياحة فمورداً هاماً صيفاً وشتاءاً ولأن الجزر مثالية لمراقبة الفلك أقيم مركز مراقبة بإرتفاع 2432متراً بجزيرة لابالما وبه أهم مرصد بالعالم.

لاس مالاس هي عاصمة الكناري الكبرى وتبلغ مساحتها 100.55 كم2 وقد إكتُشفها خوان ريون عام 1478 وهي المدينة الأولى التي إكتشفها القشتاليون بالمحيط الأطلسي وفيها أمضى كريستوف كولومبوس وقتاً قبل أسفاره الإستكشافية من جزيرة لاغوميرا. أول تمركز بالمدينة كان مخيم خوان ريون العسكري على الجهة اليمنى بارانكو دو غينيغادا حيث تقوم كنيسة القديس أنطونيوس البدواني والتي تُشكل مع كازا دو كولون أحد الأماكن الأكثر جمالاً بمنطقة فيغيتا.


وكازا دو كولون هو مقر السلطات وفيه قدم كريستوف كولومبوس أوراقه عام 1492 حين توقف بالجزيرة لإصلاح عطل بإحدى سفنه قبل الإنطلاق للعالم الجديد ويعد هذا المقر اليوم صرحاً هندسياً مميزاً ويُسمى «كازا دو كولون» أي مقر إقامة الحاكم أو كولومبوس هاوس. وفي عام 1952 تحول لمتحف بإشراف كابيلدو انسولار أي حكومة الكناري الكبرى المحلية. وبالمتحف لوحات عن الشعوب والثقافات بأميركا ما قبل كولومبوس وأسفاره الطموح الذي دفع بالشعوب للتفتيش عن طرق جديدة للتجارة وصولاً إلى كولومبوس وسفره لما وراء الأطلسي وإتصاله بالعالم الجديد.

لم يكن صدفة مجيء كريستوف كولومبوس لجزر الكناري إذ أن موقع الجزيرة في ذاته يشد المرء نحو الإرتحال غرباً. تلك الجزر لم تكن مجرد مرحلة توقف للإستراحة في طريق المسافرين إلى الهند، إنما سوقاً للبضائع ومصدراً للهجرة. وبالفعل إستقرت كثير من العائلات ممن كانت تعيش بالجزر في العالم الجديد مما دفع إلى تسمية الجزر بـصانعة الشعوب.

إقرأ أيضاً