يمكن أن تجلس نصف ساعة فقط في عيادة دكتور محمد شعلان في إنتظار إجراء حوار صحفي وتقابل مريضاته لتدرك كم أن علاج السرطان يتطلب خبرة ووعياً للوصول بالمريضات لبر الأمان.كان لنا حوارنا مع د. شعلان أستاذ جراحة الأورام بطب القاهرة لنلقي الضوء على سرطان الثدي في مصر وآخر مستجدات العلاج.

كيف كانت العودة لمصر وبداية المؤسسة؟
كنت في كاليفورنيا وعدت لمصر عام ١٩٩٩ وتخصصت في أورام الثدي وأمراض النساء. تساءلت وقتها لماذا تنخفض نسبة الشفاء بمصر برغم إرتفاعها في الخارج وبرغم أن الجراحة والعلاج متشابهان ووجدت أن المشكلة أن السيدات في مصر يطلبن العلاج بمرحلة متأخرة بسبب ضعف الوعي فمثلاً لا توجد مجلة لا تنشر أخبار سرطان الثدي في الخارج فيما لا زلنا نحن نقول الشر برة وبعيد والمرض الوحش، من هنا قرررت البدء ببعض الحملات لرفع الوعي وبدأنا بالفعل زيارة التجمعات وشرح المعلومات عن صحة الثدي والماموجرام وتصحيح المفاهيم الخاطئة .

ماذا عن أشهر تلك المفاهيم الخاطئة
هناك العديد من المفاهيم الخاطئة منها أن العلاج الإشعاعي يُخرج من جسم المريض إشعاعاً يؤذي الأطفال أو أن أخذ العينة بالإبرة ينشر الورم والإشاعة الأكبر هي أن السرطان معدي فقد وجدت أن بعض المريضات تخفين إصابتهن بالسرطان خوفاً من أن يتجنبهن الآخرين خوفاً من العدوى.

كيف قوبلت أفكارك الخاصة بالتوعية بمرض سرطان الثدي في البداية؟
لم تحظ أفكاري في التوعية بالترحاب في البداية لأنها كانت أفكاراً جديدة تماماً، أذكر أنني عندما قمت بتأسيس أول ماراثون للجري من أجل الشفاء في نادي الجزيرة قوبلت الفكرة بالإستهزاء والإستغراب وقال البعض «هو الجري إللي هيشفي من السرطان» فقد كانت الفكرة المنتشرة هي عقد الحفلات الراقصة لجمع التبرعات وهو الأمر الذي إختلف الآن فلا يوجد  جمعية ولا مرض لا يقام له ماراثون توعوي.

ما هي آخر الإحصائيات حول مرض سرطان الثدي في مصر؟
ثلث السيدات الوافدات لمعهد السرطان مصابات بسرطان الثدي مما دفعنا لتأسيس مستشفى خاصة في التجمع الخامس لحالات سرطان الثدي فقط. يذكر أنه خلال الفترة من عام  2000 وحتي عام  2010، فقدت ٩٠٪ السيدات الثدي بالكامل بينما إنخفض الرقم إلى 60 % منذ عام 2011 لأن السيدات أصبحن يطلبن المساعدة الطبية بمرحلة مبكرة بفضل رفع الوعي وتطور العلاج. هناك 30 ألف حالة جديدة مصابة بسرطان الثدي ومن المتوقع أن يزيد الرقم للضعف بعد 20 عاماً من جراء التلوث والوجبات السريعة والسمنة وغيرها من الأسباب التي تساعد على الإصابة بالسرطان.

ما هو دور المتعافيات في التوعية ضد المرض؟
لا يمكن إغفال دور الناجيات في التوعية ضد المرض فهن قادرات على تغيير ثقافة المجتع بالكامل في رؤيته للمرض ومنذ عدة سنوات لم تكن السيدات تجرأن على التحدث عن إصابتهن بسرطان الثدي لكن الآن نجد الناجيات يتكلمن بكل صراحة ووضوع وشفافية عن إصابتهن بالمرض وعن أحساسيسهن كما أننا نهتم كثيراً بقصص الناجيات وقد عبرنا عن هذا في أغنية «لسة جميلة» التي قدمتها الناجية غادة صلاح بالإضافة لكتابيها ماما والورم والأنثى التي أنقذتني وقد أثر جداً على الحالة النفسية للمريضات لأن رؤيتهن للنماذج الناجية يعتبر عاملاً نفسياً قوياً.

بم تشعر بعد أن تلا إنشاء المؤسسة قسام العديد من المؤسسات الأخري؟
لقد أصبحنا 100 مليون نسمة ويلزمنا 100 جمعية وليس جمعية واحدة وجمعيتنا لا تستطيع أن تدعم وحدها، وبالفعل تم تأسيس العديد من الجمعيات والكثير منهم يقلدون أنشطتنا وطريقتنا وأنا لا أشعر أن هناك مشكلة لأننا في حاجة لوجود جمعيات مثل هذه والمواطن أول من سيستفيد ولكن ما يزعجني وأتعجب حقاً منه هو التقليد الأعمى وعدم نسب الأفكار والمبادرات لمن ابتكرها ولا أدري لماذا يحدث أمر كهذا بقطاع تنمية المجتمع الذي من المفترض أنه ليس قطاعاً تجارياً حتى تحدث به مثل تلك الممارسات.


ما الجديد بمجال علاج سرطان الثدي؟
لقد حدث تطور كبير في تشخيص وعلاج سرطان الثدي فنجد الآن التشخيص بالماموجرام الديجيتال الذي أصبح هاماً للغاية. أما في الجراحة، زادت نسبة الجراحات التي تحافظ على الثدي مع وجود تقنيات جديدة لإكتشاف الخلايا السرطانية. لقد كنا فيما مضي نزيل الغدد الليمفاوية من تحت الإبط دون أن نعرف هل هي سرطانية أم لا وكان هذا يتسبب في تورم الذراع ومشاكل أخرى كبيرة والآن أصبحنا نتجنب ذلك بعد أن أصبح بإمكاننا أن نعرف أنها ليست سرطانية كما إنتشرت الآن إعادة بناء الثدي بشكل كبير وأيضاً تحسن العلاج الكميائي لدرجة أننا أصحبنا نضع علامة على الورم لأنه من جراء شدة الإستجابة أصبح الورم يختفي تماماً فلا نجده عند إجراء الجراحة. أصبح هناك ما يعرف بالعلاج الموجه الذي نستخدمه قبل العملية ليزيد من نسبة تقليل الورم ويمنع الإستئصال وحتى العلاج الإشعاعي الذي كان يؤخذ على خمس أو ست أسابيع أصبح يؤخذ في 3 أسابيع فضلاً عن إمكانية حصول المريضة على جلسة العلاج الإشعاعي أثناء الجراحة.

هل للعامل النفسي دوراً في العلاج؟
العامل النفسي مهم جداً في رحلة العلاج من سرطان الثدي فأحيانا أشاهد مريضتين في نفس الغرفة خضعتا لنفس العملية في نفس اليوم فأجد واحدة بحالة متأخرة جداً والأخرى يبدو عليها حب الحياة والرغبة في التغلب على المرض. لا يمكن أن ننكر أيضاً تأثير الحالة النفسية على المناعة فأذكر أنني قرأت كتاباً يدعى The biology of hope يناقش فكرة أن الأمل يقاوم ويقهر المرض بالفعل وأن الإستسلام يؤثر في عملية الشفاء ومن هنا جاء الإهتمام بمجموعات الدعم مع الناجيات لأنه مهما تناولت المريضة الأدوية ومهما حضرت جلسات العلاج النفسي فلن يكون الأمر مؤثراً بنفس قوة التأثير التي سيحدثها التحدث مع مريضة أخرى كانت تعاني من نفس المشاكل من علاقة بالزوج وفقدان شعر أو فقدان ثدي وغيرها. ولإيماننا بأهمية دور الزوج كعامل نفسي في الشفاء نعقد جلسات دعم لأزواج المريضات يتحدثون فيها مع أزواج مريضات أخريات ويتعلمون كيفية مساندة زوجاتهم ومعرفة إحتياجاتهن النفسية في هذا الوقت.

نسمع عن علاج السرطان في الذهب فما رأيك فيه؟
منذ أكثر من 10 سنوات ونحن نسمع في مصر عن العلاج بالذهب ولم نر شيئاً حتى الآن ولم يعالج مريض واحد بالذهب لذا فمن غير العدل أن أفتح موضوعاً يعطى أملاً للمرضى قبل وجود دليل مادي على إمكانية التنفيذ أو النتائج المتوقعة.

إذا من أين يمكن التعرف عن طرق علاج جديدة موثوق بيها؟
للأسف من الأمريكان ففي أمريكا لو خرج شخص وتحدث بدون دليل فسيتم سجنه لأنه يبيع الوهم للمرضى.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام