ترتبط في تراثنا الشعبي بفن السير‏ و‏خاصة السيرة الهلالية‏ حيث يتوحد الراوي والعازف‏ والحكاية بشجن العزف، ‏آلة موسيقية وترية وحيدة الوتر ابتكرها المصريون القدماء وإستخدمها المداحون بصعيد مصر ومنها إنتقلت للدول العربية فعرفها العرب الرحل بالريف والبادية منذ القدم وإنتقلت لأوروبا عبر الأندلس.

أطلق عليها الإسبان راب ورابل ورابيكين ودخلت فرنسا وسميت رابلا ثم إيطاليا وسميت أريبكو ثم باقي دول أوروبا كما عبرت أوروبا عبر بيزنطة أثناء الصراع مع الدولة السلجوقية. تختلف الربابة من بلد لآخر فهي الجوزة في العراق والشام ومصر والربابة في الخليج والأرنبة بالمغرب وأم كيكي في السودان والربابة الطوارقية المعروفة بإيمزاد في ليبيا ولا يعزفها سوى الرجال كما عرفت بدول أخري كتركيا وإيران والهند وتأخذ شكل نصف كرة. أكثر من إستعملها الشعراء المداحون وهي الأساس بمجالس شيوخ البادية وتعلق ابن البادية بها لملائمتها لطبيعة البادية ومناخها الصحراوي فأهل الساحل لا يعتنون بها إذ تتطلب جواً جافاً خالياً من الرطوبة كما أن صوتها هو الأشبه لصوت الإنسان وهي الصديق الوحيد للمهموم والعاشق.

         

هناك قصص كثيرة لإكتشاف الربابة وأصدقهم قصة رجل وزوجته نشب خلاف بينهما فإتهم الزوج زوجته بالباطل ثم أدرك خطأه فذهبت الزوجة لأهلها وإشترطت للعودة قائلة «لن أعود حتى يتكلم العود». إحتار الرجل وذهب لعجوز حكيمة فطلبت منه إحضار عود نبات صحراوي يُدعي عوسج وخرق رأسه من الأطراف ثم إحضار جلد حوار وهو إبن الناقة فقامت بحشو الجلد بأوراق نبتة العرفج ثم طلبت سبيباً من ذيل الخيل ووضعته بالعود وقالت له إعزف فعزف، فإذا بالعود يتكلم أي يصدر لحناً فأسرع لزوجته ليقول لها إنه لبي شرطها ثم أنشد "يابنت لا يعجبك صوت الربابة تراه جلد حويّرٍ فوق عيد".

غنّى البدويّ بربابته ألحاناً مختلفة إتسمت بحزن الصحراء بسكونها كما صنعها من أدوات بسيطة فهيكلها وقوسها من خشب الأشجار وطارتها من جلد الماعز أو الغزال، أما وترها ووتر قوسها فمن سبيبِ فرسه واللبان الذي يمسحه على وترها فيجعله خشناً عند إحتكاكه بوتر القوس أخذه من دموع أشجار السرو أو الصنوبر لتأخذ الآلة عدة أشكال كالصندوق الخشبي المستطيل بالسعودية والشكل البيضوي بالمغرب والدائري بالعراق ومصر والكمنجة وأشكال أخري وهناك رباب يصنع من التنك وخاصة جالون الزيت ورباب يصنع من شن الجلد.

يعتبر محمد بن صافي الذي عاش بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري أشهر عازف بالجزيرة العربية، أما أوقات العزف ففي الأغلب ليلاً بمجالس السمر حيث يسري الصوت مع هدوء الليل. ولعازفي الربابة فلسفة خاصة لمعرفة نوع الخشب والسبيب والجلد ويبدأ العازف ربابة بالهجيني ثم ينتقل للصخري والهلالي والمسحوب وهي الألحان الرئيسية والهجيني أكثر من نوع والعازف الماهر يجيد السامري والمنكوس والخمشي والجنوبي والزوبعي. وتمتاز الربابة عن غيرها من الآلات بكونها قائمة على وتر واحد يبث الحزن والألم والفرح أحزانَه عبر الوتر اليتيم الذي يتسع للحن البطيء والسريع والصوت الهادئ والصاخب والوزن القصير والطويل وهي آلة دقيقة رقيقة حساسة لا يحسن استخدامها والتعامل معها إلا من له رغبة فيها وتجربة في الضرب على وترها وخبرة بالعزف عليها.

إقرأ أيضاً