مبادرة ثقافية هدفها الأول إحياء اللغة العربية والحفاظ عليها من الإندثار في ظل جيل كامل ربما لا يعلم شيئاً عن كنوز لغتنا الجميلة وهو إسم المبادرة والرسالة التي عكفت صاحبتها علي العمل عليها، فاطمة أبو حطب رئيس تحرير مجلة علاء الدين سابقاً في حوار عن الهوية وأهمية الحفاظ عليها.
في البداية عرفينا بنفسك؟
تخرجت من كلية الفنون التطبيقية قسم هندسة النسيج وبعد إنجاب بناتي تفرغت لهم بالطفولة وإبتعدت تماماً عن مجالي وقررت العمل بالإعلام. كانت بدايتي بجريدة الشرق الأوسط في مجلة باسم للأطفال لمدة سنتين وخلالها عشقت العمل الصحفي وإلتحقت بكلية الإعلام وكانت لدي رغبة في عمل ماجستير وقدمت دبلوم تمهيدي لكنني تعرقلت للإهتمام ببناتي ثم عدت مرة أخري وعينت رئيسة تحرير مجلة علاء الدين ثم رئيسة تحرير مجلة كل الناس ثم رئيس تحرير الموقع الإلكتروني بجريدة الوطن وحالياً أنا متطوعة بالروتاري.
ماذا عن مبادرة لغتنا الجميلة؟
إلتحقت بمبادرة لغتنا الجميلة بسبب إهتمامي باللغة العربية وتركيزي علي شريحة الأطفال من عشر سنوات التي قرأت كثيراً عنها وعندما طرحت صديقتي الدكتورة نيفين عبد الخالق الفكرة تباحثنا بالإدارة وتركت لي مهمة تحديد خطة العمل لخبرتي بالمجال. كان الغرض هو الإرتقاء بالمعاني النبيلة لتعزيز سلوك الطلاب بالتدريب على كتابة القصة القصيرة من منظور حضاري وإنساني لتنمية الذوق الأدبي وإفساح الطريق لخيال الشباب بإشراف لجنة من كبار الكتاب كفاروق جويدة ومنى رجب ومحمد سلماوي ورشا سمير ومريم مكرم ورانيا البشبيشي بالتعاون مع لجنة الكتاب بوزارة الثقافة لإختيار أفضل 10 قصص على أن تقوم اللجنة بطباعتها تشجيعاً للشباب مع إقامة حفل توقيع قصص الفائزين. تم في الدورة الأولي تدريب 280 شاب وفتاة وإختيار100 قصة تناولت الأمل والكفاح والطموح والحب وجاءت مليئة بجرأة التعبير. إنطلقت المبادرة من المدرسة الألمانية وسان جوزيف بالغردقة وكيلوباترا بمصر الجديدة وتم الإتفاق مع مدير إدارة النزهة التعليمية على تدريب الطلاب بالمدارس وقصور الثقافة بالتعاون مع مديرة الإدارة التعليمية بمدرسة المرديديو وسان مارك بالأسكندرية وإمتدت المبادرة لمدرسة بورسعيد التجريبية والتربية الحديثة بالتجمع ودار الهنا للأيتام والمركز الثقافي بمصر الجديدة والمكفوفين بالزيتون.
ماذا عن ورش العمل؟
المبادرة هي ترجمة لعشقنا للغة العربية وأهمية غرسها لدي أبنائنا وأحفادنا وخاصة أن أغلبهم بمدارس دولية ولا يتحدثون اللغة العربية وهي كارثة علي هويتنا فهي اللغة الأم ولغة بلدنا. بدأت ورش العمل بمحاضرات للتعريف باللغة بكونها وفقاَ لترتيب اليونسكو بالمركز الرابع باللغات علي مستوي العالم ويتحدث بها 66 دولة وأكثر من 450 مليون فرد مع وجود أكثر من٤٠ مرادف للكلمة الواحدة بعكس الكلمات الأجنبية وبداخلها وزن وموسيقي كما تغني بها أكبر الشعراء، لقد تعلمنا رقي الأخلاق والسلوك فالإنسان يتم تقييمه عند الحديث وهو ما أردده دوماً لمن يستخدمون المصطلحات الدارجة كقشطة وطحن واللغة أخلاق وأسلوب حياة وليست مجرد مفردات. بهذه المباديء تواصلت مع الأطفال وناقشت أحلامهموأدركت رغباتهم وبدأت تدريبهم علي آليات كتابة القصة القصيرة. في البداية لم يكن هناك تفاعل من الأطفال ولكن ورش العمل بدأنا تستحوذ علي إهتمامهم ثم بدأنا بتعريف القصة وعناصرها وتحديد الأشخاص والأماكن وعناصر القصة القصيرة مع تعريفهم بأهم الكتاب ثم نتركهم ربع ساعة لإختيار موضوع وبعدها نعرفهم كيفية مناقشة القصة والتحدث عنها وإدارة الحوار بثقة وإبداع.
هل الورش للأطفال فقط أم للمعلمين أيضاً؟
حضور المعلم أساسي ليتابع الأِطفال ويراجع معهم ثم يقدم لنا القصص ونضع الملاحظات ونقوم بالتقييم والتصحيح.
يإنتشار الروشنة والفرانكو وغيرها، هل نعاني غزواً ثقافياً أم هي ظواهر غير ممنهجة؟
في الحقيقة هي ممنهجة فقد إستغنت الدول الكبرى عن الغزو العسكري باهظ التكاليف وبدلته بنوع آخر من الإستعمار الثقافي بالتأثير علي الأجيال الجديدة وأبعادهم عن عن لغتهم وقوميتهم،
ما الذي ساعد على تفشي ظاهرة التغريب وإنحسار اللغة؟
عوامل كثيرة ساعدت علي تفشي التغريب منها ما يقع على عاتق الأسرة التي تساعد طفلها على نطق اللغة الأجنبية في الصغر بدلاً من العربية وترسيخ النظرة الفوقية لكل ما هو أجنبي كذلك هناك تقصير من الدولة التي وافقت على إنشاء الجامعات الأجنبية تحت تأثير العامل الإقتصادي وأقرت وجود كليات أجنبية مناظرة للكليات العربي، تدرس مقرراتها باللغات الأجنبية بالجامعات الحكومية.
ولكن سوق العمل تتطلب اللغات الأجنبية، فما الحل؟
لا أقصد تجريم اللغات الأخرى لكن علينا ألا نهتم بها على حساب اللغة العربية بل يلزم الإهتمام أولاً باللغة الأم لترسخ في ذهن الطفل ولا تختلط بغيرها ونعطيها هي والمعلم إهتماماً أكبر فلا نهمشها إعتماداً على أن سوق العمل لن تحتاج إليها لأننا إذا أهملناها سنفقد المواطن نفسه.
وأخيراً، لماذا كل هذا العناء؟
يدفعني لبذل كل هذا الجهد إيماني الشديد بعملي وإصراري وإهتمامي بأهمية اللغة العربية وما تمثله من قيم رفيعة للجمال ومنظور حضاري وإنساني ويظل هدفي الأكبر هو تنمية اللغة والمفردات والتذوق الأدبي وتنمية ملكة الخيال لدي أطفال مصر وخلق جيل جديد من الشعراء.