تفاقمت معضلات التعليم وتجلت في عدة ظواهر سلبية منها ضعف إمكانيات المدارس وتكدس الطلاب بالفصول وإعتماد المعلمين علي التلقين والحفظ بالإضافة للدروس الخصوصية وإقبال أولياء الأمور عليها بإستماتة مما أثار كثير من التساؤلات حول مستقبل التعليم بمصر وكيفية حل تلك المشكلات وغيرها. وموقع التعليم بجدول أولويات الحكومة وأخيراً دور الشركات والمجتمع المدني. وكان هذا التحقيق وأراء المتخصصين حول التعليم إلي أين؟

      

         

بسؤال نرمين النعماني منسق التعاون الدولي بوزارة التربية والتعليم أفادت بأن التعليم منظومة تعتمد لنجاحها علي أكثر من عامل فهناك عوامل تؤثر بالسلب عليه وأولها الفقر الإجتماعي الذي يؤثر سلباً على قدرة التلاميذ على التعلم وهناك صلة مباشرة بين تدني الدخل والمشاكل الصحية المزمنة والإضطرابات النفسية والوظائف الإجتماعية والأكاديمية والتعليم فنري الفقر يشكل عائقاً بحياة الأطفال خاصة بمجال التعليم حيث تعمل الحكومات على إنفاق القليل من ناتجها المحلّي على التعليم مما يجعله غير متاح للعائلات الفقيرة ويكون ذو جودة أقل بسبب وجود صفوف مزدحمة وكثافة الفصول خاصة بالمحافظات بالإضافة لأجهزة الكمبيوتر المعطّلة وكلها ظروف لا تلبي احتياجات الطلاب. وبرغم أن المدارس تكون عادة مجانية، إلا أن هناك بعض التكاليف الإضافية من زي مدرسي وكتب دراسية وتكلفة وسائل النقل الذي يحتاجه الطالب للتنقل خاصة بالمناطق الريفية وغيرها من التكاليف التي تتحملها الأسرة الفقيرة من إرسال الأبناء للمدارس بدل العمل لجلب لقمة العيش ثم تأتي المشكلة الأكبر وهي عدم وجود معلمين علي قدر من الكفاءة فبقدر رقي المعلم يرتقي الطلاب وبقدر قلة مستواه تظهر المعاناة الحقيقية بسبب عدم توفر الدورات وورش العمل التدريبية بصفة دورية قبل وأثناء العام الدراسي للإرتقاء بالمعلم كما ينبغي العمل على تطوير مناهج كليات التربية لتقليل الحفظ ودعم المقررات بجوانب عملية تحقق الإحتكاك المباشر بواقع المهنة مما يجعل الخريج مؤهلاً للتدريس مع حث المعلم على البحث والقراءة وتطوير مستواه. أعتقد أن فكرة استقدام التجربة اليابانية هي محاولة وضع خطة عامة للنظام التعليمي القائم علي البحث لتنمية أفاق الطفل وتوسيع مداركه وحثه علي القراءة والبحث، ومن جهة أخري أولياء الأمور وتخليهم عن فكرة الدروس الخصوصية ستمنح فرصة للوزارة لعلاج المشكلات فالتعليم أحد أهم أولويات الحكومة فبالعلم تنهض الأمم وتتمكن من المنافسة بأجيال قوية وتحقيق مختلف الأهداف التنموية والإنتاجية بمختلف المجالات وعلي كافة الأصعدة.

أما الأستاذ الدكتور عبد الوهاب الغندور أستاذ الهندسة بجامعة عين شمس والأمين العام الأسبق لصندوق تطوير التعليم التابع لرئاسة مجلس الوزراء فأوضح أن لدينا كثير من المشاكل علي رأسها المناهج المبنية علي التلقين بدلاً من التفكير وإكتساب المهارات والتطوير وبناء القدرات مما يشكل أكبر تحدي ويحتاج للعديد من اللجان الفنية المتخصصة لإعداد مناهج مناسبة وسهلة ثم يأتي دور التدريب وأهمية إقامة ورش عمل تدريبية لإعداد المعلم وتدريبه علي النحو الأمثل وفي نفس الوقت ينبغي ألا يعيق التدريب الحركة الدراسية ومن ثم نحتاج لعملية تنظيم دقيقة لتحقيق فوائد التدريب دون الإضرار بالعملية التعليمية مما سيستغرق وقتاً كبيراً لإعادة هيكلة كوكبة من المدرسين بالتفاوت لكنها ضرورة حتمية متي أردنا الإصلاح الجذري والتعامل مع المشكلات بصورة قاطعة.

        

كما هناك أيضاً تحدياً بالغ الخطورة ويكمن في البنية التحتية وينقسم لجزئيين أولهما تأهيل المدارس القائمة بالفعل والثاني معني بإنشاء مدارس جديدة لعلاج كثافة الطلاب بالفصول الدراسية وفقاً لمتطلبات الجودة والمعايير المتفق عليها لتحقيق ذلك. وأخيراً، نواجه تحدياً بالغ الخطورة ويكمن في ضرورة العمل علي تغيير الثقافة المجتمعية إزاء المنظومة الجديدة والتي تستوجب ضرورة إلغاء فكرة الدروس الخصوصية وتغيير ثقافة الطالب لنجد نموذج لطالب يفكر ويستنتج ويحلل ويبتكر وقد نجد عقبات كثيرة أمام التغيير لكن الأمر يحتاج لوقت ومجهود وتكاليف ولذلك علينا الإستفادة من التجارب السابقة وأن يكون هناك تعاون مع المجتمعات الدولية والشركات من خلال عمل العديد من الشراكات الإستراتيجية للنهوض بالعملية التعليمية ككل.
وعن سياسة الوزارة وخطتها المستقبلية أوضح الدكتور رضا حجازى، رئيس قطاع التعليم بوزارة التربية والتعليم أن الوزارة تعرف ما يحدث بداخلها وتدرك أهمية التطوير وآلياته لكنه أمراً لن يتحقق بين عشية وضحاها وهي خطة وتوجه دولة وليس وزير وحتى لو جاء وزير جديد ستظل الخطة كما هي فقطار التطوير تحرك والدولة تسير فى الإتجاه الصحيح فالجميع يعرف أزمة الدروس الخصوصية والحصول على الدرجات كما أن خطة التطوير اليوم هي إتجاه قومي وليست سياسة وزير بعينه ولابد من تسليط الضوء علي العلاقة بين الأسرة والمدرسة وهي أحد الأمور بالغة الأهمية ونحن حالياً نعمل علي تطوير لائحة الإنضباط لأن شخصية الطفل يأتي بنائها من الأسرة بالتعاون مع الوزارة كما أن التعليم قضية مجمتع والأسرة يجب أن تكون معنا والوزارة تسمع لكل الأسر وبالفعل لقد غيرنا كثير من المناهج التي لم تعد تعني بالكم بل بالمحتوي في خطوات جادة للإصلاح.

 

                             
وأخيراً أوضحت د. إيمان الغمراوي رئيس لجنة التعليم الأساسي ومحو الأمية السابق بروتاري مصر أنه لا جدال علي كون التعليم هو الركيزة الأساسية لتقدم أى مجتمع وهناك العديد من المشكلات التى يعانى منها التعليم بمصر من ضعف مرتبات المعلمين وقصور الكفاءة المهنية للبعض منهم مع تواضع البيئة التعليمية والبنية التحتية لبعض المدارس وخاصة بالقرى كما لا زلنا نعانى من موروثات خاطئة فيما يختص بتعليم الفتيات والتى بدورها تجعلنا نعانى من ظاهرة التسرب من التعليم ولكن دائماً فى وسط العتمة يظهر النور والأمل وهو ما بدأته الدولة بالفعل حيث أولت إهتماماً بالغاً لمعوقات تطوير التعليم وجاءت خطة التطوير الشاملة من قبل وزارة التربية والتعليم وإن كانت تعانى من بعض المقاومة وهو أمراً طبيعىاً فأى تغيير يلقي معارضة ولكننا  على بداية الطريق الصحيح وإن كان سيستغرق بعض الوقت لتحقيق الأهداف المرجوة سواء من حيث البنية التحتية أو التطور التكنولوچى لنواكب ما يحدث فى العالم من ثورة تكنولوجية وتحول رقمى وأري أن أهم ما يميز هذه الخطة الطموحة أنها بدأت بالتوازي فكان التطوير لرياض الأطفال وأولى وثانية إبتدائي وفى نفس الوقت أولى ثانوى ولكن المسئولية لا تقع فقط على عاتق الدولة والوزارة بل لكل منا دوره فللمجتمع المدنى تأثيراً قوياً وقد وجهت بالفعل مؤسسات المجتمع المدنى جهودها لدعم تطوير المدارس وتوفير بيئة صالحة ورفع كفاءة المدرسين الحياتية أو التعليمية ودعم التكنولوجيا كما تساعد مؤسسات المجتمع المدنى في تعليم الكبار ومحو الأمية وتقديم خدمات مجتمعية وطبية لأهالى الطلبة كأسلوب غير مباشر فى الحد من التسرب من التعليم. لابد أن نكون جميعاً يداً واحدة في مواجهة أحد أكبر التحديات التى تواجه مصرنا الحبيبة وهي التعليم.

إقرأ أيضاً