هناك أكثر من زاوية لهذا الموضوع، فهناك من يعتقد بأن الكذب لا يُغتفر ولا داع لاستكمال العلاقة من بعده لأن الشك سيملأ النفوس ولن ترجع العلاقة سوية كما كانت وآخرون يرون أن علينا منح فرص لغيرنا لأننا لسنا معصومين من الخطأ.وبين هذا وذاك، علينا التعرف أولاً علي دوافع الكذب وأنواعه ثم الحكم فيما بعد.

لماذا نكذب؟
الكذب في علم النفس هو حيلة الخائف وربما نكذب أيضا بسبب:-

- خوفنا من جرح مشاعر من نتعامل معه ولا نريد أن نخسره.
- أسلوب للتلاعب لنحصل علي ما نريد.
- تفادياً للشرح الكثيروإهدار الوقت لأن الكذب في هذه الحالة سيكون أسهل من المواجهة.
- التخفيف من حدة المشكلة أو الحالة.
- كذب لا إرادي وتلك مشكلة نفسية كبيرة تستلزم اللجوء لطبيب مختص.

ويبقي السؤال، متي نغفر للكاذب؟
لكي نستطيع مسامحة من كذّب علينا، يجب أن نكون علي معرفة بنيته والنظر لمجمل تصرفاته معنا منذ البداية فهناك أخطاء قد نغفرها إستنادا لمبادئ الأديان السماوية في التأكيد علي ضرورة المصالحة والعفو عند المقدرة. ولكن في الواقع، المسامحة أو عدمها أمر شخصي أي أنها بحسب مقدرة كل شخص ونوع الكذبة ومدي صعوبة الموقف فليس من العدل بأن نقول أن كلنا نستطيع أن نسامح ونغفر ولكن لعنصر الوقت عامل أساسي في هذه اللعبة...تبات نار، تصبح رماد. فالوقت كفيل بتغيير رؤيتنا للموضوع.

ولكي تتضح الرؤية أكثر، علينا أن نعرّف الغفران فهو لا يعني بالضرورة نسيان الموقف أو الرضاء به حسب ما جاء بموقع psychology today ولكنه عملية مستمرة وليس قراراً يؤخذ فجأة فهو عملية صعبة تتطلب كثير من المجهود والإيمان في نفس الوقت وهو ليس بالضرورة إنكار ما حدث أو إيجاد الأعذار بل معرفة الواقع ورؤيته بجوانبه المظلمة والتمسك بالغفران والمسامحة بصرف النظر عن كل تلك المعطيات.

ما هي مراحل التسامح مع الكاذب أو المخطئ في حقك؟
- الإعتراف بوجود مشكلة وعدم تجميل الواقع فلن تبني مرحلة جديدة علي أساس هش وغير واقعي.
- ثق في حدسك، فنجيب محفوظ قال "ما لا يرتاح له قلبك، لا تثق به أبدا، فالقلب أبصر من العين".
- لا تسمح للآخر بالتلاعب بمشاعرك سواء كانت بإثارة شفقتك أو بالتهديد. قرارك بالإنسحاب من العلاقة من عدمه يجب ان يؤخذ بناء علي أفعال الشخص وليست أقواله.
- إغضب. عبر عن غضبك وإسمح لمشاعرك السلبية بالظهور ولا تكبتها فالكبت يولد الانفجار. وإعلم أن الغضب والحزن مشاعر إنسانية طبيعية يجب أن تعيشها لتواصل حياتك بسلام داخلي .
- إعط لنفسك الوقت الكافي لتهدأ ولا تستعجل الرد ولا أحد يملك الحق في محاسبتك في ذلك.
- قيّم الموقف واستعن بصديق، بعد مرور الوقت وهدوء المشاعر، ستستطيع تقييم الوضع ولا تستهين بوجود رأي آخر لشخص يري المشكلة زاوية مختلفة قد تساعدك في التعامل مع الموقف.
- بعض الناس خسارتهم مكسب، والبعض الآخر يستحق فرصة ثانية. الأفعال هي الفيصل الوحيد.

حول هذا الموضوع، يري مدرب التنمية البشرية طارق ميشيل أن الكذب بشكل عام صفة مدمرة  لأن الثقة هي عامل أساسي لنجاح أي علاقة. ولن نستطيع الثقة بشخص استطاع أن يخفي عليّ الحقيقة كما أن الصفات السيئة كالكذب والأنانية والنرجسية لن تتغير في الشخص إلا لو مرّ بتجربة مؤلمة من فقدان شخص عزيز عليه بسبب تصرفاته...عندها قد يُجبر بشكل أو بآخر علي تهذيب سلوكياته حتي لا يتعرض لنفس الموقف مجددا.

حسنا، ماذا سيعود عليك من مسامحة من أخطأ في حقك؟
السلام الداخلي عزيزي القارئ، التمسك بالكره والإحساس أنكضحية إستغلال وخداع سيدمرك. ستكون تلك بمثابة فرصة ذهبية لك لتنمو وتنمي شخصيتك، وتقوي شخصيتك وتصبح شخصية أكثر عمقاً وتسامحاً. وسسمنحك قوة وصلابة لمواجهة تحديات أصعب في الحياة... فالعيش بمالمشاعر السلبية هي بمثابة قيود وأغلال علي روحك وسعادتك، ستشعر بالحرية عندما تتخلص من تلك المشاعر وستنعم بحياة هادئة وسعيدة. كما ينبغي عليك أن تتيقن، بأنه سوف يأتي اليوم الذي  سيندم فيه من خذلك، وسيتذوق مرارة ظلمه وغدره، حينها قد تبرد نارك والأمر متروك لك لإعطاء فرصة ثانية، أو بتر العلاقة.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام