ما أصعب الأشياء التي تُخرجنا عن الخط الذي يحفظنا ضمن قائمة الأوفياء، كم هو مُؤلم حين نخون حتى وإن بدت الخيانة مُغرية وكم هو مُؤلم أن تخون وإن خرج الأمر عن إرادتك أو إستحق الطرف الآخر، كم هو مؤلم أن تخون وتجد نفسك أمام إنجراف حقيقي لمشاعرك فالخيانة هي ذلك الرمح الذي يُدمي قلبك وإن جاءت بالمبرر ويبقى الشرخ الذي لا يلتئم والجرح الذي لا يزول.

إنها ظاهرة إجتماعية سلبية تختلف من مجتمع لآخر وتأتي نتيجة خلل بعلاقة الزوجين بسبب بعض السلبيات أو التأثير الخارجي أو إختلاف الثقافات فتزعزع النظام الأسري وتفككه نتيجة للصراع القائم بين أفراده. تبدل مفهوم الخيانة عبر العصور وظل الفارق بين الزوجين واقعاً فالمرأة غالباً ما توصف بالخائنة وتتحمل كل المسئولية حتى في حالة خيانة زوجها لها فيما توصف خيانة الزوج بالرجولة أو علي الأقل نزوة عابرة ومقبولة وللأسف يعتبرها البعض وصفة الزواج الناجح بشرط أن تكون موسمية. ترافقها دوماً عقوبات قاسية قد تصل للقتل وربطتها قوانين الزواج بالطلاق فقد سمح القانون الفرنسي بعصر نابليون للرجل بطلب الطلاق من زوجته إذا شك في أنها تخونه لكن الزوجة لا تستطيع الإقدام على تلك الخطوة إلا إذا أسكن زوجها عشيقته معهما بالمنزل وعندها فقط يمكنها طلب الطلاق.

تبرز دلائل الخيانة في تفاصيل صغيرة لا تظهر للملأ، لكنها تبدو جليّة لمن يراقب التصرفات اليومية التي تتبدل فجأة وجذرياً بإتجاهين، قد يبدأ الشريك بالإهتمام المفرط بالآخر لتغطية الخيانة وشعوره بالذنب فيغدق عليه بالهدايا وهو غالباً حال الزوج الذي يسعي لتغطية أفعاله. أما الحالة الثانية، فتكون اللامبالاة المفرطة وإستحالة التواصل فيكون الخائن حساساً لدى سؤاله عن أوقات فراغه فيبادر بوابل من التفاصيل المملة أو يفتعل مشكلة من لا شيء هرباً من الحقيقة وقطعاً للطريق أمام أسئلة إضافية. وفي الأغلب، نجد الزوج يبالغ في الإهتمام بمظهره الخارجي وكذلك الزوجة.

الشعور الأول الذي ينتاب الشريك هو الفضول للإطلاع على شخصية الآخر، الذي تمت معه الخيانة وأسبابها ويتساءل كيف تمكن من سلب قلب الشريك أو عقله. هذا ويلزم التعامل مع الغضب الذي ينتاب الضحية منعاً للإنهيار أو القيام بتصرفات مدمرة فيما يشدد البعض على ضرورة اللجوء لطبيب نفسي أو منعاً لفقدان الثقة بالنفس أو تأنيب الذات بغير حق.

أكدت الإحصاءات أن 70% من النساء و54% من الرجال لا يدركون الخيانة التي لا تصبح مشكلة إلا عندما تطفو علي السطح فالخائن يعيش لسنوات بحياة مزدوجة إلا إذا لوحظ تغير واضح بتصرفاته اليومية. بعد كشف الخيانة، تبدأ المشادات الكلامية التي تفترض إثبات صدق التصرف في كل دقيقة ويتم تبرير كل تصرف يشذ عن القاعدة كالبقاء طويلاً بعد ساعات العمل أو زحمة السير أو زيارة لصديقة أو كوافير ويجد المخطئ نفسه دوماً متهماً فهو المذنب الأول والأخير الذي نسف قواعد الحياة العائلية الهادئة. أما إذا كانت الخيانة متكررة، فالإنفصال هو الحل مهما كان قاسياً وتتساءل الزوجة عندما يخونها زوجها، هل تستطيع ترك زوجها بسهولة؟ هل تترك الأطفال أم تغفر لزوجها زلته؟ هل تنتقم منه أم تغفر له؟ وهل يكون العقاب بالمثل ولو سراً؟ والوضع في خيانة الزوجة أصعب من طلاق حتمي وعدم تقبل الأهل والمجتميع لها بعكس خيانة الرجل فحتي لو وصل الأمر للطلاق يمكنه دوماً بدء حياته من جديد. عند إكتشاف خيانة الزوج، تفكر الزوجة كثيراً قبل إتخاذ قرار، ينتابها شعور بالهرب ممن حطم الثقة بداخلها. أما الزوجة الخائنة، فالأمر لن يستغرق لدي الرجل تفكيراً طويلاً بل يبادر بتطليقها.

أما الغريب فما تقوله دراسة إيطالية عن أن الخيانة وسيلة فعالة لتوطيد أواصر العلاقة الزوجية بشرط أن تكون عابرة يعود الخائن لشريكه منشرحاً ولن يمل من الزواج مع عقدة ذنب تجعله يتحمل أخلاق شريكه الصعبة لذا تنصح دراسة فرنسية الزوجين بإقامة علاقات عابرة بعيداً عن المنزل حفاظاً على سريّتها ومتانة زواجهما، وبين الخائن والخائنة فارق كبير تكشفه الأرقام وخاصة علي الإنترنت التي تشهد ازدحاماً بخيانات سهلها أبواب التعرف علي الجنس الآخر بأمان. أشارت عدة دراسات إجتماعية لأنّ 37% من الرجال يقيمون علاقات عابرة علي الإنترنت مقابل 22% للنساء، وبعيداً عن الإنترنت، الوضع ليس أفضل بكثير إذ يعترف 24% من الرجال المتزوجين بخيانتهم مرة على الأقل خلال زواجهم فيما المتزوجات قمن بالخيانة بنسبة 14% منهن فقط، يختلف مفهوم الخيانة بين الرجل والمرأة أيضاً، إذ أن 46% من الرجال فقط يعتبرون إن علاقاتهم العابرة تعتبر خيانة وتبلغ النسبة 35% لدي النساء. هناك من النساء من تبرر الخيانة بمبررات لا يقبلها عقل أو إكرامة وأخلاق وتكون المادة أحياناً سبباً لخيانتها لإشباع رغباتها أو إهمال الزوج وعدم إحترامه أحد دوافع الخيانة.

يوضح د. شريف عبد العال أن أنواع الخيانة متنوعة ما بين جسدية وعاطفية وهناك خيانة تدخل بأدق تفاصيل الحياة فحتى حينما ينظر الرجل لأمرأة أخرى غير زوجته ويستلذ بها فتلك خيانة. وحينما تحاول المرأة أن تخرج عن الحدود العامة في تعاملها مع الرجل فتلك خيانة وتبقي الخيانة الكبرى هي تلك التي تهدم شرعية الزواج وتبيح للخائن أن يمنح من يخون معه كل حقوق الشريك. ويضيف عبد العال أنه متي أحب الرجل إمرأة أخري فهى خيانة إذ ترى المرأة أن الرجل سينقسم لجزئين فمن الممكن أن تغفر له العلاقة مع إمرأة أخرى ولا تغفر له حبه لغيرها. أما الرجل فمن جانبه يمكن أن يغفر لزوجته علاقة حب عابرة من وجهة نظره بريئة بيد أنه يستحيل أن يغفر لها علاقة جسدية مع غيره. وإجمالاً، ففي مجتمعاتنا الشرقية، مجرد الإعجاب يندرج ضمن قوائم الخيانة ويستوجب العقاب.

أضاف د. مدحت عبد الهادى «لا نستطيع أن نبدي رأياً قاطعاً بوجه عام فضعاف النفوس يتخذون تلك الآراء كرد فعل لتبرير أأفعالهم ولكن إذا تأملنا مفهوم الخيانة، سنلاحظ أنه يختلف من مستوى ثقافة رجل لمستوى رجل آخر فهناك مواقف يعتبره رجل خيانة وهناك رجل آخر لا يراه خيانة علي الإطلاق فمثلاً قد يري رجل رسائل على موبايل زوجته ويعتبره أمراً عادياً فيما يري فيه رجل آخر زنا والسبب هو الإختلاف للتكوين الشخصى والنفسى للرجل. أري أن المرأة أكثر إخلاصاً وإذا ما نظرنا للخيانة فهى تنقسم بين الرجل والمرأة وتكون خيانة المرأة رد فعل إلا قليلاً. تعود دوافع المرأة للخيانة لمفاهيم خاطئة إزاء الرجل فتقرر مثلاً ألا تبقى الزوجة المخلصة ونتيجة إهمال الزوج لها وغياب الوازع الدينى وإنعدام الثقة بالنفس، تخون المرأة بالإضافة لرفاق السوء ممن يقنعن المرأة بسلوكيات يصفنها بالعادية مثل «وإيه يعنى إنك يكون عندك أصدقاء ما كلنا عندنا أصدقاء رجال وكلنا متزوجين» وأخيراً غياب الزوج لفترات طويلة تحت بند لقمة العيش وخصوصاً فى سن صغيرة لإمرأة تحتاج أكثر لوجود الزوج. وأخيراً، هناك الأنانية المجردة لإمرأة تبحث فقط عن مصالحها دون النظر لأولادها وبيتها ومستقبل أسرتها.

إقرأ أيضاً