تصيبُ المراهقة المتأخرة كثير من الرجال ممن تخطُّوا الأربعين فيتغيَّر نمط حياتهم وتصبحُ تصرفاتهم مثار دهشة لمَنْ حولهم فقد يدخلون في مغامرات عاطفية تهدِّد استقرار حياتهم فيما تدفع الزوجة فاتورة المراهقة الباهظة.

تأتي تلك الممارسات التي تصيب الرجال في الأربعين وأحياناً الخمسين نتيجة الفراغ الروحي أو العلاقة الفاترة وغير المنتظمة نتيجة فراغ داخلي يحاول الرجل أن يملأه. إنها حالة عامة تصيب غالبية الرجال وتتفاقم حدتها بغياب القيم تحكمه فيصبح الرجل أكثر عرضة للسقوط بالهاوية.

للمراهقة المتأخرة أعراض كثيرة فقد يأتي زوجك الوقور بأفعال صبيانية ويطيل النظر لنفسه بإعجاب ويهتم بنفسه اهتماماً مبالغاً فيه ويغير في نمط ملابسه ويدارى الشعر الأبيض مع إصابته بثورات إنفعالية لأتفه الأسباب ودخوله أحلام اليقظة والرغبة في الإنطلاق وتحطيم الأسس التي عاش عليها. تبدو تلك الأعراض صعبة الإحتمال وعليك الصبر لإستيعاب زوجكِ وتفهم الأعراض التي سرعان ما تزول، عليك إظهار إعجابك الدائم به كيلا يبحث عن الإعجاب لدي الأخريات وفهم نمط شخصيته فهناك من حُرم من الحب في الطفولة فيبحث عنه في المراهقة المتأخرة وهناك من كان مرتبطاً بأمه بشدة ومع تقصير زوجته في الإهتمام يبحث عنه مع أخريات في مراهقته المتأخرة، ويظل الحل الأمثل هو إظهار إعجابك بكونه مازال الفارس الشاب مع شغل فراغه بمشروع أو عمل إجتماعي خيري أو قضية عامة لإبعاده ممارسات قد تؤثر سلباً علي حياتكما. وللمراهقة المتأخرة أسباب عميقة ومنها الحرمان الزائد في التربية وخاصة خلال المراهقة كأن يمنعه الأهل مثلاً من الإختلاط بالبنات بدافع العيب فيعوض ذلك في الكبر ويأتي بتصرفات تعتبر للماضي في محاولة لعدم الإعتراف بالسن وما يصاحبه من تغيرات جسدية ونفسية وكأنه يؤكد أنه مازال مرغوباً فيه. ويأتي السبب النفسي الأعمق للمراهقة المتأخرة بأن تكون سلوكاً دفاعياً ضد الإكتئاب وطبيعة الرجل التي تدفعه للهوس الظاهري والتصرفات الطائشة لإخفاء الإكتئاب الذي يعتريه داخلياً.

  

أما أسباب تلك المراهقة المتأخرة، فهي نتيجة التكوين النفسي والعقلي للرجل فنجد جزء هام يؤثر على استقرار الفرد وهو التربية التي تمت تحت ضغوط طائلة تنتج عنها نفسية هشة تعتمد على القيادة من الخارج وفقدان الثقة بالنفس مما يحوله لشلال مياه مندفع والتي تخرج من أضعف نقطة والتي قد تكون الجنس أو الشراهة في كسب المال أو البحث عن السلطة لإثبات الذات أو البحث عن هوية بداخل جماعة ما، وبرغم التوازن الخارجي الذي يعيشه الرجل، إلا أن كثير من أفعاله تكون تغطية لخلله الداخلي فإذا سلمنا بأن التكوين النفسي والعقلي والروحي هما عماد الشخصية السوية فأي خلل بعناصرها يجعل الفرد رهن للسلوك غير المتزن فضلاً عن الفراغ العاطفي وهو في الأساس فكرة تملأ عقله بوجود نقص ما يريد إشباعه والسبب في الأغلب روتينية الحياة العائلية وعدم التفاهم بين الزوجين واستقلال كلاً منهما وأحياناً غلاظة الطرف الآخر كالمرأة المسترجلة أو التي تريد إمتلاك زوجها ووضعه بقفص المراقبة والمحاسبة على كل كبيرة وصغيرة أو إهمال الزوجة لنفسها ومسئوليتها أو إهمال الزوج لزوجته وتجاهله لها برغم اهتمامه بالآخرين كما تأتي سبباً لضغوط الحياة المتعددة والمعقدة كأزمات العمل والقهر أو الخسارة المادية غير المتوقعة أو رغبة البعض تعويض ما فات وخاصة بالعلاقات العاطفية والتي تبدأ بمحاولة الإخراج العاطفي وتصل لعلاقات حرجة تهدد إستقرار الأسرة.

تبدو أعراض تلك الأزمات في صورة إهتمام مبالغ بالجنس الآخر من حيث الوقت أو التفكير مع الإفراط في الإهتمام بالمظهر الخارجي لجذب الإنتباه برغم كون الرجل بسن يكون لفت الأنظار خلاله بإنجازات الحياة وليس بالمظهر، ومن الأعراض الأخري زيادة إهمال الأسرة والإنشغال الدائم بالعالم الخارجي وعدم التركيز مع الشريك الحياة وتصيد الأخطاء وإظهار التقصير الدائم. ومهنياً، نرى العشوائية والتخبط وعدم القدرة على تحقيق إنجازات ضخمة وظهور المراهق القديم في صورة سيطرة المشاعر على التفكير فنراه يتأرجح بين السعادة والإكتئاب ويغلب علي سلوكه وقراراته العاطفة وليس العقل كما يميل للوحدة والإنطواء بأي موقف فيهرب لعدم قدرته على مواجهة المواقف.

ويكون الحل الأمثل هو المواجهة وإدراك الفرد بماهية المراهقة المتأخرة وكيفية التعامل معها فعلي الرجل إدراك ضرورة وضع خط أحمر بحياته فأياً كانت الأسباب فالمهم وجود أسس راسخة لا يتنازل عنها وهنا تأتي أهمية إيجاد بديل عن الهوس بالعمل على تنمية العقل بالقراءة والإطلاع وشغل أوقات الفراغ لينشغل العقل دوماً بقضايا عامة وخاصة تلهيه عن الإنجراف فيما لا طاقة له به. هناك أيضاً تنظيم الوقت وحسن إدارته بوضع أهداف يومية وتقييم يومي لما تم إنجازه والتعرف علي الأسباب التي حالت دون الإنجاز. وأخيراً، يظل التركيز على الأسرة ومنح العائلة الوقت الكافي والاحتماء بها والتواصل الدائم مع الشريك هو الأمثل لصيانة الرجل إذ تمنحه القدرة علي مواجهة النفس وتحليل السلوك الشخصي ودوافع الأفكار والكلمات والأفعال التي يقوم بها

إقرأ أيضاً