يهوى ملاحقتها وتلهث خلفه للإيقاع به، يبذل كل الجهد للفت انتباهها وتستميت في محاولات مضنية لنسج شباكها في نية صادقة لدفعه للقفص الذهبي، تصيب محاولاته وتخيب آمالها، يجعل منها معشوقته وتفشل في جعله زوجها، يراوغها كلما حاولت الإمساك به، فلفصته الأبدية تثير حفيظتها والنتيجة صفر- صفر فلا اكتفت بدور الولهانة ولا راق له طلب يدها للزواح. نفس الصورة ذاتها تتكرر فهي أنا وأنت وبنات حواء وهو ما هو سوي كل الرجال!! 

وللحق، عليك يا حواء كل اللوم فلم تحسني من البداية وضع الخطة وتحديد الهدف والأهم الإستراتيجية المثلي لتحقيقه، عليك اللوم بشرودك الدائم بأحلامك الوردية ولهثك خلفه بمجرد نظرة إعجاب أو كلمة حب استهلكت من فرط استعمالها وطبعاً سمعتيها مراراً من قبل.

فيوم كان اللقاء وبدأت بوادر التوافق في الظهور، انبريت في تذليل العقبات وإزالة الحواجز وربما رسمت عش الزوجية وحددت مصروف البيت ومدارس الأولاد وتقمصت دور الزوجة الوفية رغم مرور ساعات قليلة علي بداية العلاقة والخاتمة سلبية والفشل حليفك في النهاية. ولعلمك، الرجل لا يرفض مبدأ الزواج لكنه أبداً لا يسعى إليه فهو له قرار مؤجل حتي إشعار آخر وهو لك هدف وأمل وحلم وحياة أنت فيها قائدة المسيرة وإن بدا غير ذلك ولك فيها الكلمة المسموعة وبيدك كل الوسائل للمفاضلة ما بين تحقيق الهدف أو السقوط بهاوية الهزيمة والإنكسار وتجرع الأحزان وحيدة في الوقت الذي تنجح أخري في الإيقاع به بمهارة فائقة وسهولة منقطعة النظير وربما بنصف الجهد الذي بذلته مخلصة في محاولة استيعابه وتحمله والتعامل مع نزواته وتقلباته وتداعيات سلبيات طلاسم شخصيته المبهمة. شاسعة الهوة بينك ومن اختارها للزواج فأنت الجميلة الذكية سليلة الحسب والنسب ذات المنصب المرموق والمقام الرفيع وهي البسيطة المتواضعة لم تهبها الحياة ما أغدقت عليك به. لم يكن يطمح في نصف ما لديك وبعد علاقة عابرة، انصرف عنك لمن هي دونك. قصة تقليدية وحدوتة تتكرر كل يوم.

هناك أيضاً نموذج الصديقة التي أخذت على عاتقها حل عقده المكلكعة ومشاكله الأبدية والتفاعل مع أهوائه الشاذة وقراءة ماضيه الأسود في محاولة يائسة لفهم حاضره الأكثر سواداً فهو يا حرام «نشأ في أسرة مفككة.. علاقته بوالديه زفت.. يخاف الإرتباط ويخشى الفشل» شماعة وجدتها صالحة لتعليق إخفاقها في الوصول إليه ليفاجئها في نهاية الأمر بدعوة زفافه القريب وزميلته في العمل وصدمة أيام وشهورأضعتيها في لملمة شتاته الممزق ولئم جراحه الغائرة وعندما أفاق من سباته العميق وتم الشفاء بحث بدوره عن البديل وامرأة جديدة لا تعلم عنه سوي ما يريدها أن تراه، قصة أخرى مكررة. ومن المصدومة لعنبر العقلاء وصديقتنا الجميلة التي تعالح إثر صدمة عصبية عنيفة فور اكتشافها حقيقة علاقة امتدت لسنوات طويلة أفنى فيها الولهان الغلبان عمره لإرضائها وزللت بدورها الحواجز لتقريب الفوارق ومد الجسور والأصل كانت خيانة وزيفاً وثلاث علاقات بالتوازي وخطة حالية للزواج من الرابعة.

كثير من القصص جميعها متطابقة مللنا تفاصيلها من فرط تشابهها وسأمنا قدرتنا الفائقة على التنبؤ بالنهاية مع بداية السطر من فرط ما رأينا الصور ذاتها من قبل. والحل خطة محكمة، إجعلي منه الهدف فهو الهدف بعينه والإيقاع به وكسر مناخيره هو غايتك، ضعي خطة مناسبة لطبيعته طبقاً للمقاييس الدولية المتعارف عليها. لا مانع أيضاً من الإستعانة بصديق والأفضل رجل فهو أقدر على فهم ابن جنسه وتفسير تصرفاته الشاذة، طبقي الاستراتيجية والأهم لا تحيدي أبداً عن الهدف. عشر خطوات احفظيها عن ظهر قلب وردديها كل صباح. لا تيأسي ولا تشتتك النتائج التي قد تبدو لك أحياناً متضاربة ولا تليني تحت أي ظرف. إصمدي وتحلي بالمثابرة ولا تستعجلي النتائج فالنهاية سقوط مروع لآدم ودغدغة لتلك الكبرياء الزائفة والغرور المتعالي الذي يتحلي به وحفل زفاف أنيق تكللين به جهودك وفرحة انتصارك وبنات حواء على ذلك الكائن المغرور سليل الكبر والزيف واللوع والمراوغة ويدعى الرجل!!

بداية، إليك تلك النصيحة الذهبية وقائلها مفكرنا الكبير أنيس منصور «المرأة الذكية لا تطارد رجلاً فالمصيدة لا تطارد فأراً» ما أجمل التشبيه وقائله رجل وما أصدق المعني ببطن الشاعر و«الحدق يفهم».. دعيه يطاردك.. يلهث خلفك.. يفكر بك طوال الوقت ولا تقلقي عليه فليس لديه ما يشغله أكثر من أموره العاطفية ونزواته على الأبواب، دعيه يبذل كل الجهد في لفت نظرك ومحاولة التقرب إليك ولا مانع من الطناش وخاصة في البداية ولا تخشي الصد والإهمال بل اعلمي أنها الوسيلة المثلى لجعله أكثر تعلقاً تماماً كنظرية طابع البوسطة.. بالعربي شحططيه، بهدليه قليلاً فهي فرصتك الوحيدة قبل أن تبدأ رحلتك في المرمطة على يديه، لا تجعلي باله يهدأ وذهنه يصفو وقلبه يستكين، ضعيه في حيرة فهي الأفضل لطبيعة صياد بداخله يهوى الإيقاع بالفريسة رغم ردائة مهاراته في الصيد، إستوعبي نقاط ضعفه الواضحة وأضيفي إليها الكسل والنفاق وانعدام الصبر وقلة الحيلة، إجعلي من نفسك فريسة صعبة المنال فالهدف الأسمى هو الإيقاع به. أما أنت، فواقعة لشوشتك لا جدال وتذكري دوماً مقولة جدتي «إتقل عالرز لما يستوي بس إوعى يشيط» وفي عبارة أخرى «إبعد حبة تزيد محبة». إملأى فراغ أيامه دون التواجد الفعلي بتفاصيلها.. فقط.. الصبر يا بنات حواء..

وتتوالي الخطوات وثانيها «مكر.. مفر.. مقبل.. مدبر». قربيه وإبعديه، إجعليه علي ثقة تامة بك وبمشاعرك تجاهه ولخبطيه بإبتعادك وإنشغالك وضجيج العالم من حولك، دعيه يراك بكل الصور معه رومانسية حالمة وعملية ساعات العمل، ضعيفة دائمة الحاجة إليه وقوية بمواجهة الحياة، إستشيريه بمشكلات تدركين تماماً حلها واشركيه بتفاصيل لا تعنيه وابخلي عليه بخواتيمها، إجعليه يهنأ بعشاء رومانسي وإنشغلي عنه أسبوعاً بعدها بالبلدى «يوم في العالى ويوم في الواطي» وتحاشي أن يتمكن من قراءة أفكارك، لا تكشفي الخطة فالأساس أن تثيري شغفه وفضوله وإنبهاره طول الوقت بسبب وبدون. لا تتعجلى وعامليه بالقطارة لتقوديه للخطوة الثالثة والتي تدفعه لتحديد موقفه بدون أي إلتزام من جانبه، ضعيه في حيرة وإجعليه غير قادر علي الجزم بموقفك فهو واثق تماماً من مشاعرك وإقبالك لكنه أبداً لا ينبغي أن يدرك خططك بعيدة المدي فالرجل بطبيعته جبان وإن ادعى العكس، كلكعيها عليه وزودي العيار متى شعرت بهدوئه ودوماً دون وضوح الصورة كأن تكرري علي مسامعه رغبتك في السفر لمنصب كبير أو منحة دراسية المهم إبعدي عن خاطره تماماً رغبتك في الإرتباط. لا تفتحي الحوار مطلقاً ولا تستجيبي لمحاولاته في الكشف عن مكنون صدرك وإعلمي جيداً أنه ذكي ولماح صحيح ذكاؤه يقتصر علي أعماله والإيقاع بك لكنه ليس بالخصم الهين فلا تستهيني به.

ومن الحيرة للغيرة بمنتهى الحذر أثيري حفيظته ولا مانع من قصص زميلك في العمل الذي ينتظر الإشارة وصديق الطفولة ورفيق أخيك وربما إبن عمك الذي لم يتزوج بعد. المهم، أنت محاطة دوماً بمن يحاول الفوز بقلبك. لا تقعي في الغلطة التقليدية وكل يوم عريس فمن فرط استهلاكها لن تخيل عليه. حذار من تتقيل العيار حبتين كيلا ينتابه الغرور والتحدي فهو الفارس المغوار يرفض المساومة كما أن هدفك الأساسي الإيقاع به وليس تطفيشه والغيرة دوماً سلاح ذو حدين. المهم التكنيك والتوظيف والأهم لا تبالغي فالإعتدال مطلوب. عندها، سيتطوع ملك الغابة وغضنفر عصره شاكراً في محاولة جادة لتحديد العلاقة وطبعاً بعيداً عن فكرة الزواج فالأساس له علاقة عاطفية دون هدف واضح فالمطلوب أن تحبيه لوجه الله. لا تيأسي ولا تطلبي منه تحديد المصير ورسم خريطة الطريق فأنت القائدة والنتيجة «مقضية إن شاء الله» فالتحدي الأول مر بسلام وإعترف آدم بمشاعره حيالك وأقر بالعلاقة التي تجمعكما مطلقاً لغيرته العنان ولمشاعره الانطلاق وأدرك الجميع العلاقة التي أصبحت على الملأ ولا سبيل للفرار.

إنتهت الجولة الأولى لصالحك لتأتي الخطوة الأهم وترويض الزبون أخذاً بمبدأ «إبنك على ما تربيه وجوزك على ما تعوديه». إعلمي أن مرحلة تعشيق التروس هي الأهم، خطوة صعبة ومعقدة ومقدمة للنهاية السعيدة، تختلف الطباع بينكما فأنت من كوكب يختلف تماماً وكوكبه الرافض لكل المقاييس، لا توافقيه علي طول الخط ولا تختلفى معه دوماً بل «خديه عالبارد». إستوعبي شطحاته بحذر وتعاملي مع تقلباته بهدوء ودربيه على استيعابك فسيشاركك حياتك والمطلوب تفاهم وتوافق وليس دلعاً على طول الخط. تلك الخطوة ستمتد قليلاً وربما يشوبها قليل من الملل والخناق غير المبرر واختلافات وجهات النظر. تحلي بالصبر فهدفك قريب المنال و«إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية» المهم غلطيه وإجعليه ينبري في الإنفعال وربما الزعيق ولا تفقدي أعصابك فالغلط مقبول من جانبه أما أنت فالمستوعبة علي طول الخط وكلما ازدادت التعقيدات، إعلمي أنك على الطريق السليم فالتروس تتعشق والطباع تنصهر في قالب مشترك يجمعكما معاً.

وخلال الترويض، تفادي الخطأ الشائع من اعتبار النتيجة قد حدثت بالفعل وخطوة أخرى شديدة الأهمية لا تتوفري دوماً «تحت الطلب» بمعنى أدق إلعبي دور «أم العروسة فاضية ومشغولة». لا ينبغي أن يراك كلما رغب، لا تملأي فراغه حتى الثمالة ولا تجعلي الهاتف الوسيلة الأسهل للحديث معك فلديك الأصدقاء والعائلة والعمل وهواياتك المحببة فلديك حياة وهو جزء حيوي لكنه ليس الكل ولا ينبغي أن يكون. إعلمي أنك لست زوجته بعد فلا تلعبي دوراً لم يطلب منك فحتى الآن لم يفصح بوضوح عما يجول بداخله.

المهم تقتربين من الهدف بثبات وقوة الأمر يستلزم الآن قليلاً من الفلفلة، خناقة عالماشي اختلقيها إن لم تأت طبيعية، «شوية شد عالماشي» يعقبها مرحلة اختفاء لإعادة تقييم الموقف، حيريه بهدوئك ورغبتك في مهلة لتقدير موقفك النهائي، إضغطي على أعصابه ولا تظهري ما يهديء من روعه ولا تخشي هجره بعض الشيء فالتوتر الذي سيلاحقه من خوفه أن يفقدك سيحول دون ابتعاده النهائي فالرجل بطبيعته يكره الهزيمة ولا سيما في العلاقات العاطفية. إثر فترة وجيزة، تواصلي معه من جديد ومناورة جديدة من جانبه وستجدينه قطة أليفة. لا تنخدعي، سيحايلك مؤكداً كم اشتاق إليك وربما طلب منك الزواج، لا تجيبيه على الفور فالمطلوب قليل من المراوغة وأنت قادرة عليها. ترددي بعض الشيء ولا تخشى إنصرافه فالزبون قادم لا محال فقط إشعريه بأن الوقفة مع الذات لم تكن مناورة وأشعريه بتغيير ملحوظ فالمياه لم تعد لمجاريها بعد والأمر يستلزم من جانبه تتقيل العيار حبتين. عندها، سينهار المارد رافعاً الراية البيضاء ونصيحتي الأخيرة مقولة أنيس منصور مجدداً «الزواج فخ تنصبه المرأة الذكية ويقع فيه الرجل الغبى» وسيقع لا محال فالخطة محكمة والهدف محدد والاستراتيجية سليمة والخاتمة دعوة زفاف وحياة نأمل ألا يأتي اليوم الذي تعودي لاعنة لحظة ضعف قادت بك لابن آدم الذي سعيت بيدك إليه.

وأخيراً، إعلمي أن الزواج ليس هدفاً في ذاته ولا ينبغي أن يكون بل مجرد تغييراً بالشكل الإجتماعي. ولأننا نختار الرفيق قبل الطريق، انتقي الشريك بعناية حتى لا تستبدلى لقب عانس بمطلقة أو أرملة إن حالفك الحظ.. لا حياة لك بدونه ولا حياة له بدونك فابحثي عن ذلك الذي يجعل من الحياة رحلة محببة ومحتملة على طول الخط فلا السعادة بالحلم الأبدي ولا الشقاء سيدوم أبداً بل مزيج من كليهما وتسير الرحلة وستسير علي أية حال والأجدر أن تسير بسعادتك لا على أنقاضك المهم نهارك سعيد وحظك أسعد إن أصبت أو أخفقت فالقدر نافذ والقدر هو الله وقدر الله لا يأتي سوى بالخير.

إقرأ أيضاً