موائد الرحمن من المظاهرالرمضانية التي يتنافس عليها الكثير لتنظيمها وإعدادها لإفطار الصائمين من طبقات المجتمع المختلفة. وأحيانا يستخدمها من لا يسعفه الطريق فى الوصول إلى بيته ولكن هل تعرف أين كانت أول مائدة فى التاريخ ومن هو صاحب الفكرة؟ ومن خلال سلسلة "أصل الحكاية" التى نقدمها كل يوم ونبحث فيها عن أصل الأشياء نتحدث اليوم عن مائدة الرحمن وأول من أقامها.

ترجع فكرة موائد الرحمن إلى عهد النبى محمد صلى الله عليه وسلم  حين أقام مائدة للوفد الذى جاء إليه من الطائف أثناء وجوده بالمدينة وﻜﺎﻥ ﻳﺮﺳﻞ ﻟﻬﻢ ﻭجبتى ﺍﻹﻓﻄﺎﺭ ﻭﺍﻟﺴﺤﻮرﻣﻊ بلال بن رماح ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﻓﺄﺳﺲ سيدنا ﻋﻤﺮ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ‏ "ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻀﻴﺎﻓﺔ ‏" ﻟﻴﻔﻄﺮ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻮن.

أما فكرة دخول المائدة في مصر ترجع إلي عهد الدولة الطولونية أول من أقامها الخليفة أحمد بن طولون خلال العام الرابع من حكمه حيث أمر بإعداد وليمة كبيرة للتجار والأعيان في أول رمضان وقال وقتها جملته المشهورة"إني جامعكم حول تلك الأسمطة لأعلمكم طريق البر بالناس وأنا أعلم أنكم لستم في حاجة إلى ما أعده لكم من طعام وشراب ولكنني وجدتكم قد أغفلتم ما أحببت أن تفهموه من واجب البر عليكم في رمضان ولذلك فإنني آمركم أن تفتحوا بيوتكم وتمدوا موائدكم وتهيئوها بأحسن ما ترغبونه لأنفسكم فيتذوقها الفقير المحروم" ومن بعدها تولي أغنياء الدولة تنظيم عدد كبير من الموائد ليتجمع عليها الفقراء والمحتاجون طوال شهر رمضان .

البعض أرجع نشأتها أيضا داخل مصر إلي الخليفة المعز لدين الله الفاطمي الذي أقامها ليفطر منها أهل جامع عمرو بن العاص. وكان يخرج من مطبخ القصر على مدار شهر رمضان 1100 قدر يوميا تحتوى ألوانا مختلفة من الطعام لتوزيعها على الفقراء والمحتاجين عند الإفطار وكان الخليفة يجلس فى شرفة كبيرة فى قصره حين يحين وقت الإفطار ويقضى الوقت فى سماع القرآن الكريم ومشاهدة حلقات الذكر ويستمر ذلك الطقس حتى منتصف الليل وبعدها يأمر الخليفة بتوزيع الهدايا على الفقراء حتى يحين موعد السحور فتجد مائدة عامرة فى نفس مكان الإفطار.

حملت مائدة الرحمن فى البداية اسم "دار الفطرة" وكانت خارج القصر قبالة باب الديلم ومشهد الحسين ومحلها اليوم الدور الواقعة فى أول شارع فريد على يمين من جهة الميدان القبلى لجامع الحسين تجاه بوابة الباب الأخضر. وفى عصر المماليك والعثمانيين لم تكن تلقى اهتماما كثيراً ولكنها ظلت كعادة يتم ممارستها من قبل الاغنياء ورجال الدولة لإفطار الفقراء.

كان الملك فارق أيضا من الحريصين على عمل مائدة كبيرة فى ساحة قصر عابدين يومياً ويدعو إليها كبار الدولة والمسئولين والفقراء والمحتاجين حيث كان يقيم مأدبة هائلة في ساحة قصر عابدين يفتتحها بنفسه يوميًا مع أشهر قراء القرآن الكريم ويستضيف فيها كبار المسؤولين بالقصر والوزراء ونجوم المجتمع من الباشوات وأيضًا الفقراء وأبناء السبيل.

أما في العصر الحديث ظهر بنك ناصرالاجتماعى ليشرف على موائد الرحمن المعروفة بشكلها الحالي من أموال الزكاة وكان أشهرها المائدة التي تقام بجوار الجامع الأزهر  لتفطر أكثر من أربعة آلاف صائم يوميًا وبدأ نطاقها يتسع حيث قام عدد من مشاهير المجتمع من مختلف الفئات سواء فنانين أو رجال اقتصاد بمد موائد الرحمن لعباده الصائمين.

استمرت الفكرة وصارت عادة حميدة لدى جميع المواطنين في مصر من الأغنياء والميسورين الحال أيضا لتنظيم موائد الرحمن كل عام.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام