شهد التاريخ المصري ظهور عدد من السيدات التي تربعن على عرش الفتونة لسنوات طويلة وكان لهن باع طويل وأساليب مختلفة عن أساليب الفتوات فى عالم المجدعة التي لم تقتصر على الرجال فحسب.تمكنت تلك السيدات من قهر الرجال بقوة عضلاتهن وشدة بأسهن الذي مكنهن من التغلب على الرجال فى عالم الفتونة، لكنها فى الوقت ذاته روايات لها معان تهز المشاعر.
أشهر تلك الفتوات النساء المعلمة عزيزة الفحلة فتواية حى المغربلين فى الإسكندرية والمعلمة سكسكة الشهيرة بفتواية الجيزة وأم حسن الشهيرة بأم جاموسة فتواية السيدة زينب والتى كانت تتاجر فى الكرشة.
سكسكة مهرها خناقة
سكسكة فتواية الجيزة واسمها الحقيقي جليلة، فقد كانت سيدة مرهوبة يخشاها الجميع ولها قهوة معروفة تحمل اسم الشيشة، وكان المقهى ملتقى فتوات القاهرة والجيزة حيث كانوا يقضون فيها سهراتهم التى تمتد الى الساعات الاولى من الصباح. وكانت جليلة سيدة فارعة الطول قوية الجسم ولها عضلات تمكنها من التغلب على من يقف أمامها، وكان يوجد على ذراعها وشم شأنها شأن الرجال، وكانت ترتدى الصديرى والجلباب البلدى الرجالى والكوفيه مثل التجار الكبار المعروفين بلقب المعلمين، وكانت تمسك بيدها عصا غليظة طويلة تسمي الشومة. ومن الموقف الطريفة التي عرفت عن سكسكة عند زواجها من شخص يدعي عباس، فقد تعرف عليها وهي تخوض معركة حامية فأعجب بشخصيتها القوية التى كانت تتمتع بها فطلبها للزواج فما كان منها إلا أن اشترطت عليه أن يثبت شجاعته فأخذته إلى مشاجرة وطلبت منه أن يتدخل لفضها فإذا نجح فى ذلك ستكون هى زوجته، فدخل عباس المشاجرة واستطاع ان يفضها بسهولة فما كان منها إلا أن تزوجته ليصبح مهرها خناقة.
كانت اجمل ذكريات جليلة تلك التى كانت ترويها عن الانتخابات التى حدثت سنة 1950 حين قام احد أبناء الحى بترشيح نفسه أمام مرشح معروف من حزب الوفد فانحازت سكسكة لابن حتتها وتولت عملية الدعاية له، فكانت ترتدى ملابس الرجال وتركب العربة الكارو وتطوف الشوارع مع جيرانها وهى تصفق وتهتف بحياة ابن حتتها، وكان المنافس له يخشاها ويرتعب من الطريقة التى كانت تتبعها فأرسل اليها بعض اتباعه لمساومتها للانضمام الى صفة، لكنها رفضت كل تلك العروض المغرية وهاجمته فى كل مكان يذهب اليه وبكل الوسائل لدرجة ان المرشح طلب بنفسه حماية البوليس. وفى يوم الانتخابات اضطر المنافس الى ان يؤلف لجنة لمحاربة الدعاية التى كانت تقوم بها وأعوانها فأطلقوا عليها لقب "سكسكة" وكانوا يقولون: (يارب أهلك سكسكة. فى يوم حرب مهلكة)، وكانت تحلم بأن يعيش الناس فى وئام وسلام ويتركون المعارك والمشاجرات.
زكية فتواية سوق الخضار والمناصرة
كانت امرأة سمراء غليظة الجسم واسعة العينين مفتولة العضلات قصيرة القامة شعثاء الوجه مكفهرة الطلعة تروح وتغدو فى الشوارع والحارات مرهوبة الجانب مهيبة الخطوات، تشير بالسلام ذات اليمين وذات الشمال . فإذا لقيها واحد من الجدعان (ولاد الحتة) ترفع يدها الغليظة فتضرب بها كفه ضربة قوية وتهزه هزا عنيفا، وتلك هى تحية الفتوات مضافا إليها (ازيك يامجدع فينك ياواد من زمان محدش شافك)، ورغم ذلك كانت جدعنتها معترف بها من الجميع. ولكن كانت سليطة اللسان جبارة عاتية لايقوى رجل مهما بلغ من القوة والبسالة أن يقف فى سبيلها أو يعترض أوامرها، فالعربجية والباعة على إختلاف طبقاتهم لابد أن يقدم لها كل منهم ضريبة معلومة يدفعها صاغرا والا فالويل له والهلاك ينتظره.
عزيزة الفحلة فتوة حي المغربلين
وواحدة من أوائل النساء اللواتي مارسن الفتونة في القرن الماضي، ومهدت الطريق لعشرات من النساء الفتوات اللاتي زاحمن الرجال وأحيانا تفوقن عليهم في الضرب بـ"النبوت". كانت المعلمة عزيزة شديده الغيره علي بلدها وعلي سيدات منطقتها ففي وقت الأستعمار الأنجليزي كان يعود الإنجليز من الخمارات مخمورين ويهجمون علي السيدات في الحمامات العامة لهتك عرضهم وإغتصابهم فلما سمعت الحاجه عزيزه هذا ذهبت وأحضرت لهم مكيده فجمعت رجالها بالشوم والعصي وإخبأتهم داخل الحمام وأنتظرت هي علي باب الحمام وحينما رأت الإنجليز قادمون فأشارت لهم بيدها مرحبه لهم بالدخول إلي الحمامات ففرحوا وقتها وأعتقدو أنها تعد النساء من أجلهم ولكن ما كان يحلمون به كان في خيالهم فقط وحينما دخلو أنقضت عليهم هي ورجالها بالضرب المبرح حتي لا يعودوا مره أخري وذات مره رأت الأتراك كانوا يضربون كل مصري يمر قائلين:فلاح خرسيس وآثار هذا غضبها وهجمت عليهم بـالضرب فهي كانت مشهورة بالضرب بالروسيه وأيضاً معها عصاه مدببه وفِي أخرها مسمار، وحينما دخلت للقاضي غضب منها وقال لها لا أريد أن أرى وجهك مرة أخر.
ومن المواقف الطريفة التي تعكس خفة ظل الفحلة أنها ذات مرة تشاجرت مع أتراك ودخلت الي القاضي بظهرها فقال لها داخله بظهرك ليه يا عزيزه فردت قائله أنت أخبرتنى أنك لا تريد رؤية وجهى مرة أخرى فدخلت بظهري فضحك القاضي ضحك هستيري وقال لها أذهبى يا عزيزه وكان معروف عنها بخفه دمها.