زمان قال المثل، حواديت وأساطير وقصص قالتها أمثالنا الشعبية وتناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل لتمسي موروثاً حضارياً وثقافياً وتحوي بين طياتها حكاية غريبة وحدوتة بسيطة شكلت أصل المثل الذي قد نجهله أو نعرفه.

جزاء سنمار
سنمار رجل رومي بنى قصر الخورنق بظهر الكوفة للنعمان بن إمرئ القيس ليستضيف إبن ملك الفرس الذي أرسلهُ أبوه لينشأ بين العرب ويتعلم الفروسية. وعندما أتم بناءه وقف سنمار والنعمان على سطح القصر فقال النعمان «هل هُناك قصر كهذا؟» فأجاب سنمار «كلا». عندها قال النعمان «هل هناك بَنّاء غيرك يستطيع أن يبني مثل هذا القصر؟» فأجاب سنمار «مطلقاً يا مولاي» وإستطرد بفخر «ألا تعلم أيها الأمير أن هذا القصر يرتكز على حجر واحد وإذا أُزيل إنهدم القصر». فتساءل النعمان «وهل غيرك يعلم موضع الحجر؟» فأجاب سنمار «بتاتاً» فألقاه النعمان من أعلي سطح القصر وسقط ميتاً وقد فعل ذلك لئلا يبني مثلهُ لغيره فضرب به العربُ به المثل بمن يُقابل المعروف بقلة الأصل.

خذوا الحكمة من افواه المجانين
توفي رجل ثري في بلد بعيد عن بلده ووصل خبر وفاته لأولاده فحدد إبنه الأكبر يوماً للعزاء ولكن باقى الأخوات طالبوا بالميراث فنهرهم أخاهم قائلاً «إنتظروا حتى ننتهي من العزاء». لكنهم صمموا علي تقسيم التركة فإستاء أخيهم وكان يخشي لوم الناس فإضطر الأخوة للذهاب للمحكمة وأقاموا دعوي. إحتار الأخ فقرر اللجوء لأحد عقلاء البلدة. سرد الأخ القصة لإيجاد مخرج من الورطة. فقال له الحكيم «إذهب لفلان سيفتيك ويعطيك الحل». فرد عليه الأخ «فلان مجنون، كيف سيحل المشكلة التى عجز عن حلها العقلاء؟» فكرر الحكيم «إذهب إليه فلن يفتيك غيره». ذهب إليه الأخ وسرد عليه القصة وبعد أن إنتهى قال له المجنون «قل لإخوانك هل عندكم من يشهد بأن أبي قد مات؟» فقال الأخ «خذوا الحكمة من أفواه المجانين، كيف لم أفكر في هذا الحل؟» ثم ذهب للمحكمة وقال للقاضي ما نصحه به المجنون. فأجاب القاضي «إنك علي حق فهل لديكم شهود؟ هنا إرتبك الأخوة وقالوا «أبينا توفى في بلدة بعيدة وجاءنا الخبر ولا يوجد شاهد على ذلك» فأجاب القاضي «عليكم أن تأتوا بالشهود» وظلت القضية مُعلقة لعام ونصف وقال لهم أخوهم «لو صبرتم أسبوع كان خيراً لكم».

على قد لحافك مد رجليك
ورث شاب عن أبيه ثروة طائلة وكان وريثه الوحيد فلم يحسن التصرف بل بعثر الثورة وإلتف حوله أصحاب المصالح فهم يأكلون ويضحكون ويمضون أوقاتهم بقليل من المدح والرياء والنفاق للشاب. ولما نفذت الثروة، إنصرف عنه الجميع فخرج بحثاً عن عمل وإنتهى به المطاف لدي صاحب بستان لاحظ أنه إبن ترف فسأله «ما الذى أجبرك على العمل؟ ومن أنت؟» فأخبره الشاب وذُهل صاحب البستان إذ كان يعرف والد الشاب ومقدار ثروته التي لا يمكن أن تنفُذ بسهولة فقال له «لا أريدك أن تعمل وتُهان وأنت إبن فلان» وزوجه إبنته وأسكنه بيتاً صغيراً قريباً منه وأعطاه جملاً، وقال له «يا ولدى إحتطب وبع وكل من عمل يدك وأنصحك بأن تمد رجلك على قد لحافك» وإنتشرت المقولة وصارت مثلاً.
رجعت ريما لعادتها القديمة
يُقال أنها زوجة حاتم الطائي الشهير بالكرم فيما إشتهرت هي بالبخل فكانت إذا أرادت أن تضع سمناً في الطبخ، أخذت الملعقة ترتجف بيدها المُرتعشة، أراد الطائي أن يُعلمها الكرم فقال لها، أن الأقدمين كانوا يقولون أن المراة كلما وضعت ملعقة من السمن في إناء الطبخ، زاد الله بعمرها يوماً فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن حتى صار طعامها طيباً وتعودت يدها على السخاء. وشاء الله أن يفجعها بإبنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من نفسها فجزعت حتى تمنت الموت ومن ثم أخذت تُقلل من السمن حتى ينقص عمرها وتموت فقال الناس رجعت ريما لعادتها القديمة وإنتشر المثل من وقتها.

إقرأ أيضاً