"مهو مش سبيل أم عباس" إنه ليس مجرد إسم نردده من باب الكوميديا بل هو مكان حقيقي عمره أكثر من 150 عام تمر به في طريقك لميدان القلعة عند تقاطع شارع الركيبة والسيوفية مع شارع الصليبة ستجد سبيل أم عباس.

من هي أم عباس؟
أم عباس هي بنبا قادن وهي زوجة الأمير أحمد طوسون باشا ابن محمد علي باشا ووالدة خديو مصر عباس حلمي الأول وقد بنت هذا السبيل بعد مقتل إبنها الخديو يعباس بنحو 13 عاماً وقد قتل بقصره بسبب قسوته مع الرعية وتشكيكه الدائم في أفراد أسرة محمد علي حتى إن الشرطة السرية أسست في عهده. 
سمي السبيل بأم عباس لحرمانية ذكر إسم الملكة آنذاك وأوقفته الأميرة كصدقة جارية على روح إبنها الخديوي عباس وخصصته لتوزيع مياه الشرب النقية على المارة طلباً للثواب والدعاء مع توفير مياه الشرب للبيوت التي لا يقدر أصحابها على تحمل أجور السقائين وألحقت به كتاباً عينت به معلمين لتعليم الأطفال العلوم الحديثة.

حجرة التسبيل والقبة المثمنة
يتميز السبيل بحجرة التسبيل التي تتخذ هيئة المثمن وهو مثال نادر بالقاهرة فأغلب حجرات التسبيل مربعة بينما تقل الحجرات نصف الدائرية المنقولة عن الأسبلة العثمانية فقد صممها مهندس تركي نقل الشكل المثمن المألوف بالأسبلة العثمانية بتركيا.

تعلو حجرة التسبيل قبة مثمنة بينما كسيت الواجهة بالرخام الأبيض وزينت بزخارف نباتية من طراز الباروك والركوكو وهو طراز من الزخارف النباتية ساد في أوروبا بعد القرن السابع عشر فيما زينت واجهته بكتابات بخط النسخ صممها الخطاط المعروف عبد الله بك زهدي في شريط كتابي بأعلى الجدران مع كتابات موزعة على القسم السفلي من الواجهة وكتب زهدي في الشريط العلوي سورة الفتح بأكملها وأتبعها بتوقيعه الشخصي. أما بقية النقوش بواجهة السبيل فبها آيات قرآنية ذات صلة بوظيفة السبيل.

يشبه السبيل في تصميمه العام بقية الأسبلة العثمانية فيتكون من طابق تحت الأرض يضم صهريج الماء لتخزين المياه، وكان السقاؤون يحملونها من النيل في قرب جلدية وقت الفيضان في شهر أغسطس لضمان الحصول عليها من أعماق لا توجد بها شوائب وللصهريج تغطية من قباب صغيرة بوسطها قطعة من الرخام تغلق على فتحة الصهريج وهي تعرف كما في الآبار بإسم الخرزة.

الشاذروان والكيزان
والطابق الأرضي والمعروف بحجرة التسبيل له ثلاث شبابيك لتقديم الماء للمارة وهي مصنوعة من مصبعات حديدية لها هيئة زخرفية بديعة مع لوح من الرخام هو الشاذروان وهو منقوش بزخارف بارزة لتبريد المياه التي تمر فوقه وإحتجاز الشوائب العالقة بها وكانت نظافته تتم يومياً عند التوقف عن تسبيل الماء بعد صلاة العشاء.

وفي الجزء الأسفل من الشاذروان، توضع كيزان الشرب النحاسية وتربط من مقابضها بسلاسل طويلة في المصبعات الحديدية للشبابيك ويتناول المارة تلك الكيزان بعد أن يقوم المزملاتي وهو المسؤول عن تقديم المياه للمارة بتعبئتها من الأحواض أو يترك الأمر للمارة. وكانت أن مياه الشرب بالأسبلة تخلط بمواد تعطي عطراً خاصاً كماء الورد أو الزهر أو العنبر للتغلب على أي عطن قد يلحق بها من التخزين السنوي للمياه.

وبمرور الزمن، تعرض السبيل للإهمال وإختفت أغلب معالمه بسبب تراكم الأتربة التي أخفت معظم ملامحه مع إغلاقه وعدم فتحه للزوار وصدأ الأبواب المحاطة به ويواجه المكان أكبر مشاكله لكونه من الآثار المغمورة التي تحتاج لعناية لإحيائه وإعادة ترميمه وفتحه للزوار وبرغم كونه أحد الأثار المغمورة إلا أن سكان الحي يتباهون به ويعرفون قصته كاملة.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام