أجمل شهور العام وأكثرها كرماً وبركة، ينتظره المسلمون لإستعادة طقوس محببة وتقاليد لا تموت مهما مر الوقت وتعاقبت الأجيال فتظل له عاداته التي يحرص الجميع علي الإلتزام بها وإن اختلف المكان فتظل له قدسيته وروحانياته، ماذا يحدث حول العالم في رمضان؟
يمثل الشهر الكريم مناسبةً لإعلان الأتراك عن هويتهم الإسلامية وإظهارها للحفاظ عليها. ومن أهم المظاهر الاحتفالية إنارة مآذن المساجد من المغرب وحتى الفجر، وهو ما يسميه الأتراك المحيا، ويوجد في تركيا أكثر من 77 ألف جامع أشهرها مسجد السلطان أحمد مما يعني أن تركيا تظل مضاءةً طوال ليالي رمضان. يسعى الرجال والنساء والأطفال للمساجد لصلاة التراويح، وبعدها، يقوم الكبار بتوزيع الحلوى على الصغار لترغيبهم في الحضور كل يوم، أيضاً نرى الإقبال على الحلويات التي تشتهر بها تركيا والمشروبات المختلفة كالتمر الهندي والكركديه المصري مما يوضح تواصل المجتمع التركي مع المجتمعات الإسلامية الأخرى.
وفي النرويج، دخل الإسلام بواسطة المهاجرين المسلمين الذين استقروا بها وسعوا لترسيخ دعائم الإسلام بإفتتاح مطاعمهم ومحالهم التجارية، لا يواجه المسلمون هناك صعوباتٍ في المعيشة لأن قوانين البلاد تكفل حرية العبادة بدون الإخلال بحقوق الآخرين فمثلاً يتم تقنين مستوى صوت الآذان بمكبرات صوت المساجد كيلا يتجاوز صوت الكلام العادي. أما المشكلةٍ فهي تحديد بدايته لصعوبة الطقس وانتشار الضباب وتساقط الجليد طوال العام، فيتم اللجوء لموعد بدء الشهر بأي بلد آخر. بعدها، يتم تعميم الموعد بكل المساجد فنجد المسلمين هناك يصومون معاً وهو أمر لا يتوفر بأي بلد غربي آخر. وصيفاً، يواجه المسلمون مشكلةً طول فترة النهار فتمتد ساعات الصوم لأكثر من عشرين ساعة، وهناك يستقدمون الأئمة من الدول الإسلامية وبخاصة مصر. أما العمل، فيتم تنظيمه ليعمل المسلم أقلَّ من المعتاد على أن يعوِّضه بعد انتهاء الشهر مما يرفضه المتعنتين ضد الإسلام. تنتشر أيضاً الخدمات الخيرية وتنظم المساجد موائد الرحمن لتنمية المشاعر الدينية لدي المسلمين الذين يحاولون نقل عادات مجتمعاتهم العربية فنجد إنتشار الأكلات المصرية كما تحرص متاجر المسلمين على تقديم احتياجات الصائمين من المواد الغذائية.
أما في هولندا، يبذل المسلمون قصارى جهدهم في ضوء الإمكانيات المتاحة لهم كأقلية ليمر الشهر بأفضل النتائج الروحانية. وفيما تخلو شوارع كبري المدن من مظاهر تعكس روحانيات الشهر الكريم، فإن مقرات المساجد والجمعيات الإسلامية والمقاهي والأماكن العامة التي يتجمع فيها أبناء الأقلية المسلمة تعكس بوضوح أهمية الشهر لدى المسلمين كما تشهد مساجد هولندا إقبالاً شديداً وتضيق بالوافدين وخاصة وقت صلاة العشاء والتراويح اذ تحول ساعات العمل الرسمية دون تمكن المسلمين من أداء صلوات النهار بالمساجد. ويقدر القائمون على مسجد النصر في مدينة روتردام –أكبر مساجد هولندا- عدد المصلين في صلاة العشاء والتراويح بالآلاف بالإضافة لموائد الإفطار الجماعية التي يقيمها المحسنين للفقراء وحلقات الدروس اليومية لدعاة محليون وضيوف يستقدمون من البلاد الإسلامية للوعظ، وقد أصبح الالتفات حول برامج رمضان في القنوات التلفزيونية الفضائية التي تبث من الدول العربية والإسلامية جزء من تقاليد المسلمين التي تبدأ بمتابعة التراويح مباشرة من مكة المكرمة وتتواصل بالمسلسلات والبرامج والأعمال الدرامية والترفيهية.
وأخيراً في البرازيل، يعلن قدوم رمضان وفق تقويم مكة المكرمة فيما يختار البعض بلداً آخر ليصوم على إعلانها وتختلف عاداتُ المسلمين عن باقي أيام العام فالسيدات المسلمات ترتدين الحجاب ومنهن من تستمر في ارتدائه بعد انتهاء الشهر تأثراً بالدفعة الروحانية. يكثر أيضاً قبل الإفطار الزحام أمام محلات الحلويات اللبنانية والسورية القريبة من المسجد أو التابعة له ويغلب الطابع الشامي على موائد الإفطار. يعتبر الإفطار الجماعي أهم ما يُميز الأسر المسلمة البرازيلية وتكون برعاية مؤسسة خيرية تحرص على تقديم الطعام للفقراء أو من يسكنون بمناطق بعيدة ويتعذر عليهم الإفطار مع أسرهم. وتهتم المؤسسات الإسلامية العربية وبخاصة الخليجية في إقامةِ الولائم كما يهتم القائمون على المراكز الإسلامية بإقامتها للتعريف بالإسلام، ولهذه الوجبات أثرٌ سياسي إيجابي اذ تُظهر المسلمين كتلةً واحدةً مما يدفع الساسة لخطب ودهم لثقلهم السياسي. بعد الإفطار يتوجه الجميع لصلاة المغرب وقد يتناول البعض الفطور بالمسجد، ويهتم المسلمون البرازيليون بأداءِ صلاة التراويح ومن أبرز مساجد البرازيل مسجد عمر بن الخطاب بمدينة فوز دي كواسو ومسجد أبي بكر الصديق بضاحية ساوبرناندرد دي كاميو وهي الضاحية التي يعتبرها البعض عاصمةَ المسلمين في البرازيل حيث تنتشر المراكز الإسلامية كمكتب هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ومكتب الندوة العالمية للشباب الإسلامي كما يهتم المسلمون بمشاهدة البرامج الدينية على القنوات العربية التي يصل بثُّها للبرازيل.