أياً كان الستايل الخاص بك أو الذوق الذي تفضله، لن يسعك أمام تصميمات حسن فتحي سوي الإعجاب وكثير من الدهشة لدقة الخطوط وبساطة الألوان وبراعة يد المعماري الباهر في رسم البهجة والإشراقة علي تصميمات الكل يعرفها والكل يعشقها والجميع يشيد بها، قصة قصيرة لمعماري الفقراء، هل تعرفه؟
وُلد حسن فتحي عام 1900 وتخرج من المهندسخانة بجامعة فؤاد الأول وحصل على جائزة الدولة التشجيعية عام 1959م وجائزة الدولة التقديرية عام 1969م وتُوفي عام 1989م دون أن يتزوج. رحلة طويلة أمضاها في فك طلاسم الجمال المعماري وإرساء أسس مدرسة خاصة به في ترجمة حية لأفكاره ورؤيته للحياة والجمال كما ينبغي أن يكون كما كان عاشقاً للتراث الثقافي والحضاري بمختلف صوره ومن أكثر المهتمين بأهمية الحفاظ علي الإرث البيئي وضرورة التمسك به ودمجه بكل العصور ومختلف الأنماط ليحيا الماضي بجماله بين ربوع الحاضر والمستقبل.
تكمن عبقريته فى مزجُه الدقيق ما بين الفكر الهندسى والتُراث الحضارى فالبناء بالنسبة له ليس مجرد جدران بل هو ترجمة حية لحياة وتراث لا يموت ولا يزول بمرور السنوات كما شغل باله طويلاً بالنواحي الجمالية بالدول الفقيرة بوجه عام فكان يرى أن أهم مشكلات المعمار بالدول الفقيرة تكمن في الفارق الكبير بين الإمكانات المادية وتكاليف البناء وكمالياته الجمالية مما يحول دون الحصول على المسكن المناسب الذى يقتصر فقط على القادرين وتبقى الأغلبية الفقيرة بلا مأوى لائق مما يؤدي لمشاكل إجتماعية ونفسية لا نهائية وكانت تلك القضية الأهم التي عاش لأجلها.
رأي فتحى أن الإصرار على حل المشكلة بالمساعدات المالية لا يأتي بنتيجة كما لا يشكل إستخدام المباني الجاهزة حلاًّ جذرياً لغلو تكاليفها فطرح حلولاً أهمها قيام الأهالي أنفسهم بالبناء أما العقبة الإقتصادية الرئيسية وهى السقف، فاستوحاها من تراثنا والقباب ذات الإنحناءات بإستخدام الضغط والطوب الأخضر الذي يتحمل الضغوط وهو ما كان يلجأ إليه القدامى بإنشاء الأسقف المقببة وتثبيتها فى الهواء كما كان يحدث بالنوبة. الثقافة والتراث هما المدخل لفلسفة حسن فتحي المعمارية فيرى أن الثقافة هى نتاج تفاعل الإنسان والبيئة المحيطة وعلي المعمارى إدراك أبعاد البيئة والسكان تاريخياً وإجتماعياً وثقافياً والإهتمام بها فجمال البناء لا يكتمل إلا بملائمته لما حوله فلا تصلح مثلاً حلية فرعونية أو قبطية على بناء معمارى معاصر وهي فلسفة واضحة بقرية القرنة بالبر الغربي بجنوب وادي النيل وقرية مشربية.
لفت فتحي أيضاً الأنظار للبحيرات الصناعية فبعد إنشاء السد العالي لجــأ الفلاحون لكشط الأرض الزراعية للحصول على الطمى وتصنيع الطوب وكان الحل فى إنشاء بحيرات صناعية حيث تعطى البحيرة التي يبلغ مُسطَّحُها خمسة أفدنة طمياً يعادل الناتج من مسطح 100 فدان، والمهم إختيار الموقع والتصميم الذى يسمح بتجديد الهواء والتعقيم لتحتفظ الأرض بخصوبتها مع توفر الطمي اللازم.
إذن ما على الفقراء سوي إستغلال عناصر الطبيعة لحل المشكلات دون إنتظار العون الخارجي ولا تزال أعماله تلهم الكثيرين فتحل مشكلة الفقراء وتزيد مبانى الأثرياء جمالاً فلقب بحق معماري الفقراء فهو من منحهم الجمال برغم ضيق ذات اليد.