قد يكون طفلك كثير الحديث داخل المنزل، إلا أنه يسكت تماماً خارجه وخاصة عند الإختلاط بالغرباء ممن لا يراهم بصورة دورية، قد تعتقدين أن طفلك خجول أو غير إجتماعي لكن يظل الأهم التعرف علي الأسباب التي تحول دون إختلاطه بالعالم الخارجي وإنغماسه بالحياة الإجتماعية بطريقة صحية.
تلاحظ بعض الأمهات أنّ أطفالهن يصابون بحالة غير مبررة من شبه الخرس خارج المنزل فيقعون في حالة صمت مفاجئ عندما يغادرون الأسوار ويتعاملون مع الغير وخاصة الأطفال الآخرين وهو ما يطلق عليه حالة التباكم أو الصمت الإختياري وهي ظاهرة تستدي التوقف لكنها لا تستدعي القلق والتوتر.
يظهرذلك بوضوح أمام مواقف إجتماعية كالتحدث مع أقارب لا يراهم الصغير غالباً أو مع رفاقه في المدرسة أو النادي أو أصدقاء الأبوين فيواجه الطفل مشكلة كيفية الإندماج مع عالم لا يعرف أصحابه وينخرط في حديثاً قد يجيده لكنه يعزف عنه مثيراً القلق والإضطراب لدي أبويه.
والتباكم هو نوع من إضطراب قلق حاد يتجلّى عندما يكون الطفل خارج المنزل ويخالط بيئة جديدة غريبة عنه ويبرز خلال مرحلة الطفولة وقد يرافق الطفل السلوك ذاته خلال مرحلة المراهقة وحتي يبلغ سن البلوغ إن لم تتم معالجة الأمر بطريقة سليمة وهو يصيب في الأغلب طفلاً من كل 140 طفلاً صغيراً كما أن تلك الحالة هي الأكثر شيوعاً لدى الفتيات والأولاد الذين يتعلمون لغة ثانية ويعيشون خارج بلدهم الأم.
تظهر أعراض التباكم من خلال تجمّد رد الطفل وتبلّده أمام الآخرين أو عصبية مفرطة وإنفعال يصل أحياناً لدرجات يصعب معها السيطرة علي الطفل وقد يؤدي لسلوك عدواني يؤثر سلباً علي سلوكيات الطفل ومظهره أمام الغير ويحرج الأبوين من جراء سلوكيات طفلهم السلبية.
وهناك أطفال يظهر عليها الخجل الشديد والإبتعاد التام عن الدائرة التي تسبب له التباكم مع ظهور التوتر على حركات الطفل وبعيونه وإيماءات وجهه ورغم ذلك فالطفل الذي يعاني من التباكم يتميز بثقته الكبيرة بنفسه وإعتزازه بها فستجيدنه يومئ برأسه بنعم أو لا بهدف إخفاء إرتباكه.
عليك أن تعلمي أن إصابة الطفل بالتباكم لا تعني أنه مصاب بالتوحد فالحالتان منفصلتان تماماً فالتوحد أحد المتلازمات التي تستوجب علاجاً طبياً وهي إحدي إنحرافات السلوك ولها أسبابها وطرق علاجها. أما الصمت الإختياري، فحالة عارضة لا تستوجب القلق ولكن يجب علي الأبوين عدم التهاون في علاجها الذي يكون في الأغلب نفسي.
وعلاج التباكم لدى الأطفال بدايته السليمة ألا تُشعري طفلك أنه يعاني من مشكلة من الأساس ولا تجبريه على إجابة الغرباء عندما يطرحون عليه الأسئلة بل طمئنيه وقولي له أن بإمكانه الحديث عندما يشعر أنه مرتاحاً لذلك.
حاولي دمج الطفل مع محيطه بتكثيف الزيارات للأقارب والأصدقاء وزيادة خروجاته مع أولاد من سنه للعب والتسلية ودعيه يذهب كثيراً إلي النادي ويشارك بالتمارين الرياضية واللعب الجماعية المختلفة.
لا تظهري تفاجؤك إن أجاب طفلك على الناس الذين يقلق عادة من تواجدهم بجانبه بل تصرفي وكأن شيئاً لم يكن كيلا يعلم أنك شعرت بتوتره بل دعيه يقتنع بأنه طفل طبيعي لديه مطلق الحرية والإستقلالية في الحديث والخروج والتعامل مع الغير كيفما يشاء.
وأخيراً، لا تغفلي التعامل مع المشكلة مبكراً كيلا تسبب له عزلة وتضعف ثقته بنفسه وتسبب له إضطرابات إجتماعية كثيرة قد ترافقه طوال سنوات عمره وعبّري دائماً عن حبّك الكبير له وأشعريه أنك بجانبه مهما حصل معه.