يبدأ التواصل مع الطفل من ولادته ولا يقتصر على الكلام فالطفل يتواصل بالحركات والإيماءات والأصوات والإشارات فهي جزء من لغته الخاصة وأفضل أوقاته للتواصل هي لحظات «التيقّظ الساكن». إنها حقيقة علينا إدراكها فالطفل كائن حي يتفاعل منذ اللحظة الأولي لبدء تكوينه برحم الأم.
عليك أن تعلمي أن الطفل يشعر ويتفاعل تماماً كالكبار ولكن له إيماءات وإشارات مختلفة كما أن تعبيره عن حالته المزاجية والنفسية يأتي في صورة حركات بعينها لو تعلمتيها فسيمكنك التواصل معه بسهولة وستبدأ رحلة تواصل لا تنتهي وحوارات لن يفهما سواكما.
يمكننا التكهّن أن الطفل يبلغنا بأنه «مستعد» أو «فرِح» إذا كانت عيناه مفتوحتين أو ذراعاه ورِجلاه هادئة وإذا كانت قبضته محكَمًة حول الأصبع كرد فعل. بعد أسابيع من مولده، نري بسمته كإشارةً عن السعادة وإذا أفرطنا في إطعامه يعبّر عن غضبه بنظرة سخط أو بالإستمالة جانباً أو بإحكام القبضة أو بالخبط على الذراعين والرِّجلين أو بالتلوّي والقشط. إنها رسائل يوجهها الطفل لرغبته بالقول "خفّفوا عني" وعلي الأهل تنفيذ مطالبه علي الفور لتفادي غضبه أو ثورته.
يتيح فهم الإشارات الصادرة عن الطفل خلق التفاهم وتكوين مهارات الطفل التواصلية فالأم التي ترد على طفلها عندما تسمعه يتمتم، تعلّمه قواعد الكلام الأساسية فالتواصل يتم حتى بغياب اللغة بالقدرة على إصدار الأصوات ثم بلورتها في كلمات هي قدرة متنامية وتعتمد على الجوانب الحركية لتحكّم الطفل بأدوات الكلام وفهمه أن للأصوات معنى تواصلياً. يُصدر الطفل في البداية الأصوات عشوائياً لكن بمرور الوقت وتأثير والديه تنتظم الأصوات فنجده يرفع صوته ويخفّضه عن قصد ويوسّع قاموسه.
والتحدث مع الطفل أساسي ليفهم ما نريد ويحس به قبل إستعمال الكلمات والطفل الذي إعتاد على أن مَن حوله يتكلم إليه، يصبح متنبّهًا أكثر للغة الحديث خاصة لأمه. حين يبدأ الطفل بالحديث، يعبر عن أفكاره وإحتياجاته وينمو التواصل. لا يؤثر تعرّض الطفل لأكثر من لغة تعلمه الكلام بل بالعكس فكمية الكلمات التي يستعملها الطفل ثنائي اللغة تساويه عند الطفل أحادي اللغة أي أن الأول يستعمل كمية أقل من الكلمات كما يُميز الأطفال منذ سن مبكرة أصوات الكلام المختلفة.
تختلف حاسة السمع لدى الطفل فلكي يلتقط الطفل الضجة، يجب أن تكون شدة الصوت أقوى بنحو 10 إلى 20 ديسبل مما يحتاجه البالغ ويتميز الأطفال بحساسيتهم الشديدة للذبذبات بوجه عام. لذا أسمِعوا الطفل أصواتًا مضحكة وإخفوا وجوهكم بالأيدي ثم إكشفوها قائلين «كوكو»، دغدغوه وإقذفوا به لأعلى بحذر وإذا سمعتم الطفل يضحك بصوت عالٍ، إضحكوا معه. يقوّي الضحك المشترك قدرة الطفل على إدراك الحالة. كرروا الأصوات التي يسمِعها الطفل واسمِعوه بدوركم أصواتاً لكم («آها»، «أُوو»، «إيي»). حين تسمِعون أصواتكم، ركزوا على حركة الشفاه وإنتظروا رد فعل الطفل بعد كل صوت.
وأخيراً، أكثروا من إستعمال إسم الطفل عندما تتوجهون إليه وقلِّلوا من إستخدام كلمات الدلع (بطة، كتكوت، وما شابه) بل توجهوا إليه في 75% من الحالات مستخدمين إسمه. «أين منير؟»، «ها هو منير!». قوّوا الصلة بالإسم بإستعمال مرآة وأشيروا إلى أنفسكم قائلين «ماما» أو «بابا»، ثم أشيروا إليه وإذكروا إسمه