إنها ليست مجرد سجادة حريرية تظهر خلف ضيوف مصر في الإحتفالات واللقاءات الرسمية ولا حتى لوحة فنية تعكس مدى دقة وحرفية صانعها ولكنها قيمة تاريخية وسياسية هامة وحكاية كتبت فصولها على مر التاريخ الحديث لمصر، لقد رأتها مراراً ربما بدون أن تلحظها لكن عندما ستعرف تاريخها لن تمر أمامك مرور الكرام بعد الآن.

 بدأت الحكاية فى عصر الخديوى إسماعيل صاحب النهضة وعاشق الفنون والثقافة الذي كانت له أعمالاً وطنية يحاول بها إخراج مصر من عباءة الحكم العثماني وظهر ذلك بوضوح كبير في الإحتفالات الأسطورية لإفتتاح قناة السويس  فقد قام بنفسه دون الرجوع للسلطان العثماني بدعوة ملوك العالم ثم دعا السلطان العثماني ليظهر بمظهر الملك المستقل ببلاده مما أغضب السلطان.

وإمعانا فى إظهار هذا المعنى، روادته فكرة إنشاء خريطة لمصر عند الإحتفال بقناة السويس تظهر للعالم الحدود المصرية وقام بتحديد هذه الخريطة مجموعة من العلماء المصريين والأجانب الذين يعملون بالمسح الجغرافي  وحددوا ملامح الدولة المصرية عبر الخريطة.

وأرسل الخديوي صورة منها إلى الإستانة بصناعة سجادة حريرية يدوية بتفاصيلها وأبقى الخريطة الأصلية بمصر لكي يطابقها بالسجادة المزمع صناعتها قاصداً بذلك إعلان استقلال مصر عن الدولة العثمانية ولكن لم تر هذه السجادة النور بسبب تدخل السلطان العثماني الذي أوقف صناعتها واستمر هذا الحلم حتى تحققت الفكرة بأيد مصرية ففي عهد جناب الخديوي عباس حلمي الثاني، اختير مصنع سجاد بدمنهور لصناعتها.

وانتهى العمل منها بعد رحيل الخديوي عباس حلمي وظلت فى المخازن الخديوية حتي نهاية الحرب العالمية الأولى بانتصار إنجلترا ومناداة زعماء مصر بإستقلال البلاد وأعلنت معاهدة 1936 وخرجت السجادة الخريطة وتم وضعها لأول مرة خلف الملك فؤاد في لقاءاته الرسمية.

إنها سجادة من الحرير تشمل حدود القطر المصر مقاساتها 485* 450 سم، تم تنفيذها بالإسلوب اليدوي وإتخذ الفنان الصانع أسلوب ونوع العقدة وعددها 25 عقدة في السنتيمتر المربع، ألوانها مزيج من الأحمر والأخضر و الأصفر والأزرق والبنى بدرجاتها مع إستخدام اللون اللبني، والسجادة ذات بحر وكنار البحر يمثل خريطة القطر المصري ويوضح عليها الحدود المصرية بمختلف الأركان ونهر النيل والقناطر والسكك الحديدية.

ومن الجانب الأيسر خريطة أخرى تمثل مجرى النيل وفروعه وأسفلها مفتاح الخريطة ومقياس الرسم لها. أما الكنار فيتكون من إطارين متتاليين، الداخلي منه أرضيته زرقاء وبأركانه الأربعة علم مصر، أما الخارجي فأرضيته حمراء وقوام زخارفها أشكال نباتية متنوعة.

واستمرت هذه السجادة الخريطة تظهر في المناسبات الوطنية المختلفة في عهدي الملك فؤاد و الملك فاروق ثم حجبت حتى قررت رئاسة الجمهورية أن تتخذ قصر الاتحادية مقرا له.

إقرأ أيضاً

أحدث المقالات

إعلن معنا

  • Thumb

الأكثر قراءة

فيسبوك

إنستجرام