موسوعة كاملة لتاريخ مصر، أرض الأحلام والقصص والأساطير، بانوراما طبيعية خلابة صنعها الخالق بعناية ووضع بأرضها بركة أهلها الطيبين وحضارة بلاد طيبة التي ولدت علي أرضها فحوت ذكرياتها وأحلام ساكنيها، النوبة ومن لا يعرفها سلام علي زائرها وقاطنها ومحبها.
تروي الأسطورة أن الإلهة إيزيس عندما مزق ست إله الشر أخاه أزوريس وبعثر أشلائه، قامت بجمعها وردت الرُوح إليه حتى حملت منه بحورس ثم دفنت جسد أزوريس بالنوبة فكان رأسه على جزيرة فيلاي أو أنس الوجود وجسده بطول الوادي من الشلال حتى الخرطوم فيما إمتدت ساقاه على رافدي النيل ثم جلست عند رأسه تبكي حتى إمتلأت شعاب الوادي بدموعها ففاضت وإندفعت جهة الشمال محطمة صخور شلالات أسوان وغمر الخير الشمال «مصر» وجرى النيل من وقتها. وكما تختلف القصص حول بدايتها، تتعدد أصولها وتقاليدها ويبدو أهلها الأكثر تمسكاً بها وحرصاً علي إحيائها.
يشير زي نساء النوبة لهويتهم وحشمتهم فهو الجرجار بفتح الجيم وترتديه الفتيات أعلي الملابس وهو ثوب من التل الخفيف صمم لمسح أثر أقدام المرأة أثناء سيرها فلا يتبعها أحد. كان يسمى بوال ثم تطور وأصبح الكومان ويُشبه الإسدال ويصنع الآن من الركام بداخله تُل أسود رقيق وهو شفاف يصل طوله للأكمام ويزداد من الخلف ويصنع من الدانتيلا ولونه أسود وله نقوش ورسومات سوداء أشهرها ورق العنب والورود والقلوب والنجوم والهلال كما ترتدي النوبيات التوب السوداني والعبايات ويبقى الجرجار عشق بنات النوبة ومعه الشبشب الأسود والحلي الذهبية مع نقوش الحنة على الأيدي والقدمين.
تبدأ مراسم الأفراح بإختيار أهل العريس للعروس من بنات العائلة التي لا تري خطيبها طيلة الخطوبة وحتي ليلة الدخلة. يُطلق على الخطوبة يوم الرباط وفيه يزور العريس وأصدقائه منزل العروس ويتناول البلح مع الفشار ثم الشاى ويشير لإنتهاء الجلسة فيشربونه وينصرفون. النساء فقط لهن الحق فى رؤية العروس ويصفوها للعريس. قبل أسبوع من عقد القران، تخرج سيدة تحمل طبقاً من الخوص عليه أوجل وهو إناء خشبى به روائح عطرية يتطيب بها العروسان وتمشى فى القرية تتغنى بأمجاد أهل العروسين ويُسمى يوم السماء وهو أول يوم في إحتفال الزواج فتذهب الفتيات لمنزل العروس لطحن الذرة والقمح والخبيز وإعداد البلح والفشار ثم ليلة الحنة وفيها يقام إحتفالان أحدهما بمزل العروس لأهلها والآخر لدي العريس مع أصدقاؤه للغناء والرقص والعزف على الطار وتاركا نجريشاد. يبدأ الإحتفال بقيام إحدى المسنات من أقارب العريس المحرمات عليه بإحضار صحن ماء وحناء لتخضيب جسمه من رأسه لقدميه وهو مرتدي جلباباً قديماً دون ملابس داخلية ثم يدهن أصدقاؤه جسمه بالحناء.
يجلس العريس وأمامه صحن الحناء وعن يمينه صديق يحمل سوطاً وعن يساره آخر يحمل سيفاً. وهؤلاء هم حراسه من الحسد والجن كما يجلس بجواره شخصان أحدهما يحمل كراسة يدون فيها النقوط ويصيح الآخر «شوبش» ثم يتوجه بعدها نفس الشخص لدفع النقوط لحلاق العريس. يجمع الكاتبان النقود ويقدمانها لوكيل العريس ومعها الكراسة التي يحتفظ بها العريس فالنقوط ديناً عليه سداده بمناسبة أخري ثم العشاء وحفل ذكر ليبدأ الغناء والرقص ويسمى الطبل ويقولون أشر درابوكة أى إضرب الطبل لكن لا توجد طبول بل يعزفون على الطار. يبدأ الإحتفال قبل ليلة الحنة بأسبوع وتنتشر عادة دهن العريس إذ يُعتقد أن الدهان يُكسبهما الجمال والخصب والحناء تطهرالجسد وتمنح جلد العروس نعومة ورائحة ذكية
العريس تمساح والعروس يمامة
في يوم عقد القران، يذهب العريس وأصدقائه بعد الغذاء للنهر ويسبقهم العريس إليه وبعد أن يخرج منه، يُطلق البخور ويرتدى ملابسه الجديدة البيضاء ويُعطى القديمة لأحد المسنين الفقراء ثم يتوجه لمنزله ويكون بإنتظاره شيخ الكتاب الذى تعلم فيه ومعه صبية الكتاب لقراءة القرآن ثم يتوجه مع أصدقاءه لمنزل العروس وفى طريقهم يمروا بسبعة بيوت مجاورة ويتوقفون أمام كل منزل ويسير متهادياً كالتمساح فالرجل تمساح والفتاة يمامة وهو يفرق «شربات فريجوي» والملبس عند الفاديجة «اكاملبسكا». والرقص بأفراح النوبة أساسي فتضم الرقصة الأشهر مجموعة نساء يصطففن بنصف حلقة متمساكات الأيدى ويتحركن ببطء نصف خطوة للأمام ثم الخلف بالرجل اليمنى ثم اليسرى ثم يهتززن يميناً ويساراً وتتقدمن بصدورهن بإنحناءة ثم تتقدم إحدى السيدات من اليمن وترقص «الرقصة الوسطانية» فالسيدة تكون بوسط الحلقة ويعزف الرجال الدفوف والنساء بالجانب الآخر فى نصف حلقة وبينهم المغنى ويستقبله أهل العروس من الرجال وعندها يتوقف الرقص وتبدأ مراسم عقد القرآن.
يبدأ المأذون بقراءة الفاتحة وينوب عن العروس والدها أو ولى أمرها ثم يقدم العريس المهر ومُؤخر الصداق ومصاغ العروس من الذهب من قصة النور أو حصة الرحمن وهى مثلثة الشكل وتعلق على جبهة العروس وبها تتميز المتزوجة و«جكد» وهو عقد به ستة دوائر مسطحة من الذهب يتوسطها «ما شاء الله» من الذهب ثم «شيش» وهو سوار من الفضة. كما يحضر العريس ملابس عروسه في غلاف من القماش ولا يري الحاضرون سوي المصاغ والنوبيون مغرمون بالتطيب بالروائح والتزين والنظافة.
يكون العريس مسئولاً أيضاً عن تأسيس بيته بالأبراش والسراير «عنجريب» المصنوع من خشب وجريد النخل وأغطية العنجريب. أما العروس، فتحضر آنية الطعام وآنية الشاى وتُعِد العروس قبل الزفاف مجموعة أبراش الخوص والأطباق الملونة التى تُعلق على الحائط و«الشعلوب» ويُعلق بسقف الحجرة وبه آنية الطعام من الخوص الملون بأحجام وأشكال مختلفة ويصنع من كُل طبق إثنان وتُعلق على جَوانب حائِط حُجرة نوم العروس وتسمى «الحاصل» وفى الديوان وهي حجرة إستقبال الأصدقاء.
تُعد العروس الطواقى المشغولة بالحرير الملون تُقدمها لعريسها هدية بعد الزفاف وحزام أبيض مشغول الأطراف وهذه الهدايا لا تُقدم إلا بعد الزفاف مع خلخال من الفضة «هوجل» يُقدمه العريس فى الصباحية إذ تُعتبر قدم المرأة من «الحجل» أي عورة ولا يرها الرجل إلا زوجها ومن رنة الخلخال يعرف مقدار أنوثتها ولا يراه لأن ثوبها طويل يجرجرعلى الأرض.
بعد عقد القران تنطلق الزغاريد والأغانى ويقدم العشاء ويتحمل أهل العروس تكاليفه ثم يدخل العريس حجرة العروس لرؤيتها مع والدته وبعض قريباته وترتدي العروس ثيابها الجديدة وتتزين بالمصاغ الذى أحضره العريس ويكون الثوب الذى تحته من القماش القطنى المشجر مرسوم عليه ورود كبيرة وعلى رأسها طرحة بيضاء من الشاش أو الحرير تسمى «شجة» تغطى وجهها ويتقدم العريس ويلمس وجه الفتاة من فوق «الشجة» أو يرفعها وينظر لوجهها في أول رؤية رسمية ومعناه إنه قبلها ثم يعود لأصدقائه للغناء والعشاء وتتناول العروس العشاء مع صديقاتها.
ماسكنجا.. السلام عليكم بالنوبى.