تعد تربية وإعداد طفل متوازن تحدياً كبيراً يواجه كل أسرة وخاصة في ظل وجود كثير من المؤثرات الخارجية التي لا يمكن لها التحكم بها، تلك المؤثرات التي تؤثر بصورة أو بأخري علي شخصية الطفل وعلاقاته بالآخرين فالصداقة لها دور قوى فى نفوس أبنائنا فالأطفال يتجهون لتقليد أقرانهم، لذا يظل الأساس في توخي الدقة وتعليم الأطفال كيفية إختيار الأصدقاء وإليك الخطوات الأساسية لتحقيق الهدف.

كوني الصديقة الأولى لإبنك
أول علاقة صداقة يراها الطفل هي العلاقة بين أبويه فإن كانت مليئة بالنقد والسلبية فقد يتصورها الصورة الطبيعية للصداقة فيما بعد كما أن الإحترام بين أفراد الأسرة يعود الطفل منذ نعومة أظافره علي التفاهم وتقبل الغير والتوجيه البناء وكيفية التعامل مع النصائح والإرشادات مما يجعله لاحقاً أقدر علي التعامل مع أصدقائه وتكوين علاقات إجتماعية صحية.

تحدثي معه عن أصدقائك وإشرحي له الفرق بين أشكال العلاقات الإجتماعية وتناقشي معه عن مستشارينك في المشكلات لينشأ علي أهمية إحترام رأي الغير وتنمو بداخله أسس الصداقات وقواعدها وكوني لطفلك المستشار الذي يعلمه كيف يفرق بين الصديق الجيد ويجب الحفاظ عليه والسيء الذي يظهر النذالة وينبغي الإبتعاد عنه وعرفيه أنه ذلك الشخص الذي يطلق أسماء سيئة علي المحيطين ويسخر منهم و يضايقهم ويكون غيوراً ولا يريدك أن تصادق غيره ولا يحترم أفكارك ويتركك عندما تحتاج إليه.

لا تجبري إبنك على التقرب لشخص بعينه أو الإبتعاد عن آخر فعليك فقط الإكتفاء بمراقبة المشهد من بعيد والتدخل في حالة عدم شعورك بالراحة أو الإطمئنان علي طفلك مع إبداء الملاحظات بطريقة لطيفة ولا تتدخلي إلا عندما يسيء أحدهم لإبنك جسدياً أو أخلاقياً أو يستغله، عندها إستخدمي سلطتك لإبعاد هذا الصديق عنه وإطلبي المساعدة من المدرسة أو والدي هذا الصديق إن لزم الأمر.

تعرّفي على مهاراته وقدراته
هيئّي له الجو المناسب لممارسة هوايته دون التأثير سلباً على دراسته وإدعميه وإسمحي له بمساعدتك ولا تقولي له "أنت صغير على هذا وذاك" بل أوكلي إليه مهام بسيطة تناسب رغباته فقد ترغب إبنتك في مساعدتك في المطبخ وقد يرغب إبنك في مساعدتك في شراء المستلزمات أو تصليح السيارة.

أبسط طريقة أن تسأليه عما يريد أن يكون في المستقبل وما هي المواد الدراسية  التي يحبها والمهام التي يحب القيام بها والدور الذي يفضّل أن يلعبه حين يكون مع أقرانه وما الذي يحبه في فلان ولماذا وهل يحب المدرسة أو يكرهها ولماذا فمن خلال تلك الأسئلة وغيرها يمكنك التعرف على رغبات طفلك وقدراته وبالتالي العمل على تحسينها وتنميتها وتهيئة المناخ المناسب لممارستها وأخيراً ساعديه علي إبرازها دون تفاخر أو غرور ولا تنسي المكافأة إن أجاد وأتقن العمل وقد تكون المكافأة مادية أو معنوية.

علّميه كيفية تقييم إختياراته
يواجه الطفل مواقف كثيرة يحتاج فيها لإتخاذ القرار دون الرجوع للأهل لأخذ آرائهم أو نصائحهم لذا لا بد أن يكون لديه القدرة على تقدير إيجابيات وسلبيات قراراته ولا بد أن تكون لديه مرجعية ثابتة لا تتغير ولا تجعله متردداً عند إتخاذ القرار بل ثابتاً وواثقاً من نفسه وقدراته وإكتسبي تلك المرجعية من الموروثات الإجتماعية والعادات والتقاليد والأهم العقائد الدينية فإذا طلب منه أحد أقرانه مثلاً أن يساعده علي الغش في الإمتحان، سيتذكر أن الغش حرام وسيتخذ قراره بأن لا يأتي بهذا الفعل.

خطوات لتطوير قدرته علي إختيار الأصدقاء
- إشرحي بوضوح صفات الأصدقاء الجيدون مثلاً يمكن الإعتماد عليهم ويتشاركون بالأفكار ويحترمون الإختلافات فيما بينهم ويدافعون عن بعضهم البعض ويقضون أوقاتاً سعيدة معاً ويتذكرون المناسبات الإجتماعية والشخصية والأهم يساندون بعضهم علي طول الخط.
- كوني قدوة جيدة فتحدثي مع طفلك عن أصدقائك بطريقة إيجابية ودعيه يري الأوقات السعيدة التي تقضيها مع رفاقك ويلمس مساندتك ودعمك الدائم لهم والتحدث عنهم بطريقة لطيفة أثناء عدم وجودهم وتذكري دوماً أن طفلك يراقب كل حركة تقومين بها.
- إقرئي كتب وشاهدي أفلام مع طفلك عن الصداقة لتمنحيه فرصة إكتساب المهارات الإجتماعية من شخصياته المفضلة وقومي بعمل لعبة عن طريق تمثيل مواقف صعبة في الصداقة وأوضحي له سيناريوهات مختلفة من حياته اليومية وتفاصيلها الواقعية.
- وضحي لطفلك كيف تبدأ المحادثة بعبارات قصيرة بحيث تتطور لتصبح سيناريو طويل وإبدئي بشكل بسيط فمثلاً الإسم والصف ثم تطوري إلي الهوايات والموضوعات المفضلة في المدرسة والنادي وأعياد الميلاد ودعيه يمثل لك أوقاته المحببة مع الأصدقاء.
- علّمي طفلك أهمية لغة الجسد مثل ضرورة الإبقاء على الإتصال البصري وأهمية إحترام المساحة الشخصية والوقوف أو الجلوس بشكل مستقيم مع إبقاء الرأس عالية وحسن إختيار تعابيرات الوجه وأخيراً عدم التململ والضيق عند الإستماع لحديث الناس وطرح الأسئلة.
- علّمي طفلك أنه ليس من الضروري إقامة صداقات مع الجميع فلن يصبح كل شخص حوله صديقاً له وليس عليه إرضاء الجميع ليتقرب إليهم بل علميه كيف يختار أصدقاء ممن لديهم قيم وعادات وهوايات واهتمامات مشتركة معه.