لا يريد مغادرة المنزل ويفضّل الجلوس بغرفته مُبرّرًا أما هي فتشكو الملل رغم توفر كل ما تطلبه، لماذا يشعر بعض المراهقين بالملل؟ وما معني هذا الشعور؟
يرى خبراء علم نفس التقويم التربوي أن المراهقة مرحلة لا تخلو من الأزمات النفسية نتيجة تغييرات فيسيولوجية يُرافقها تغييرات فكرية فيبدو المراهق غير راضٍ عن مظهره ويُعيد النظر في القيم والتقاليد التي نشأ عليها ويرغب في إثبات وجوده فيما يعرف بالتمرّد ضد سلطة الكبار والمجتمع فيتّهم أهله بعدم التفهّم والحد من إستقلاله وعلى الأهل أن ينظروا إليها إيجابياً لأنها تحمل روح التغيير مما يعطي ديناميكية للحياة. تكبر تلك الثورة أو تصغر بحسب ردة فعل الأهل لكنها تكون موجودة فالمراهق الذي لا يعيش مرحلته وما تحمله من تناقضات قد يعيشها لاحقاً.
هناك أسباب نفسية مُرتبطة بالكآبة المرضيّة وأخري إجتماعيّة فالمجتمع الذي لا يوفّر للمراهقين وسائل ترفيهية كافية فيصبح طبيعي أن يشعر المراهق بالملل ولذا يجب توظيف الوقت في شيء له مردود معنوي ينعكس إيجابًاً عليه. والشعور بالضجر مفيد أحيانًا لأنه ضجر وجودي يساعد المراهق على التفكير بحياته ومستقبله شرط ألا يفصله عن مجتمعه ولكن حين يؤدي الملل للإنزواء، يجب معرفة الأسباب فربما تعرّض المراهق لعنف من أحد الأصدقاء ولكن على الأهل ألا يلّحوا لمعرفة الأسباب أو يبدوا رأيهم في الموضوع بل يتركوا له مبادرة التحدث طالما الأمر عابر.
من الخطأ الشائع توفير الأهل كل متطلبات المراهق بمبالغة فيفقد متعة التحدّي فحين تتاح له كل الأمور بدون قيد وفي سن مبكرة لن يعرف قيمة ما يحصل عليه ويشعر بالملل الذي قد يؤدي به لتجربة أمور تكون نتائجها سلبية على سلوكه فبعض الحرمان المادي ضروري شرط أن يرافقه حوار بين الأهل والمراهق.
أشارت الأبحاث العلمية لكون 75% من المراهقين يستعملون اليوتيوب وغيرها من تطبيقات الإنترنت ولكنها لا تبعد الملل إذ أصبحت روتيناً فنجد مراهقاً يدرس ويلتقط صورة سلفي وينشرها معلقاً «أشعر بالملل» فعن طريقها يعبّر المراهق عن مشاعره لذا ففتجنب الملل يتطلب أنشطة فكرية أو جسدية.
يولّد الملل طاقة سلبية قد تؤدّى لسلوك غير مقبول وخطر مع القلق والإكتئاب والإنعزال والإندفاعية والإجرام وجميعها أمراض نفسية تتفاقم لتصل لمرحلة خطرة ومثال ذلك حادثة الولايات المتحدة حيث قتل مراهق لاعب بيسبول أسترالي يدعى كريستوفر لين بولاية اوكلاهوما عام 2013 لشعوره بالملل. هناك حلول إيجابية لتخطي تلك المرحلة منها العمل والرياضة فالسعى لهدف يعطي طاقة إيجابية وكذلك التطوّع بالجمعيات الأهلية لمساعدة الغير أو الهوايات ورحلات الإستكشاف.
تقصر مجتمعاتنا الشرقية العمل المنزلي علي الأم ومن يساعدها وهو خطأ كما لا يجوز قصر المساعدة على المراهقة بل للمراهق دور فإشراكه في المسؤوليات المنزلية هام لتدريبه ليصبح صاحب المسئولية والدليل أن أهم الطباخين وأهم مصممي الأزياء رجال فالأبحاث أشارت أن 60% من الشباب لديهم وقت فراغ يزيد على ثلاث ساعات يومياً وتزيد خلال الويك أند لتصل إلى 6 ساعات يومياً كما تزيد أثناء العطلات الرسمية والصيف وهي أحد الأسباب الرئيسية للشعور بالملل.